العافية غاية المسلم

   العافية غاية المسلم

 

إن العافية بمعناها العام مطلب ديني، ومطلب دنيوي، ومطلب أخروي؛ ولذلك كان لها بين المطالب الإنسانية أهمية عظيمة، ومكانة سامية. فالعافية حسنة من حسنات الدنيا التي من وُهِبها نال خيراً كثيراً، وقد مثّل بعض المفسرين كقتادة وغيره للحسنة في الدنيا بالعافية والصحة، في قوله تعالى ” وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” البقرة:201، وقال النووي رحمه الله في شرحه على مسلم: “وأظهر الأقوال في تفسير الحسنة في الدنيا: أنها العبادة والعافية، وفي الآخرة الجنة والمغفرة، وقيل: الحسنة تعم الدنيا والآخرة” وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلاً من المسلمين ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم “هل كنت تدعو بشيء أو تسأله إياه؟” قال: نعم، كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “سبحان الله لا تطيقه أو لا تستطيعه أفلا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار” قال: فدعا الله له فشفاه ” رواه مسلم.

والعافية من المطالب الكثيرة التي كان يدعو بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويأمر الناس ويوصيهم بسؤالها، فقد كان صلى الله عليه وسلم يدعو بالعافية في الصلاة وغير الصلاة، ففي الصلاة كان من أدعية الاستفتاح قوله عليه الصلاة والسلام بعد أن يكبر عشراً ويحمد عشراً، ويسبح عشراً ويهلل عشراً، ويستغفر عشراً: ” اللهم اغفر لي واهدني، وارزقني وعافني، أعوذ بالله من ضيق المقام يوم القيامة” رواه أبو داود ، وكان يدعو في الجلسة بين السجدتين فيقول: ” اللهم اغفر لي وارحمني، وعافني واهدني وارزقني” رواه الترمذي وابن ماجه، وفي قنوت الوتر كان يقول: ” اللهم أهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت” رواه أبو داود والنسائي . إن العافية من أعظم عطايا الله للعبد، وأفضل قِسَمه له، فهي أفضل من الغنى والجاه والسلطان، ولا تطيب هذه الأشياء لأصحابها إلا بالعافية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه؛ فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها” رواه الترمذي