خطوات أساسية لاكتشافه

الطموح لدى الطفل.. كيف نساعده على تنميته وتعزيزه؟

الطموح لدى الطفل.. كيف نساعده على تنميته وتعزيزه؟

قال العلماء إن الطموح ليس صفة فطرية، بل هو مهارة تتطور مع نمو دماغ الطفل وتوسّع مداركه، وبداية ملاحظات الطفل الأولى للعالم وما حوله، فالطفل بطبيعته يقلد الكبار ويحلم بمستقبله، ومع نمو فص الدماغ المسؤول عن التخطيط واتخاذ القرار، يبدأ الطفل في تحديد الأهداف التي يرغب فيها.

كما يبدأ الطفل في تطوير مفهومه عن الطموح منذ نعومة أظافره، ويظهر ذلك في طريقة لعبه أو تقليده لما يشاهده من مواقف وأدوار حوله ويمكن للأم أن تستنتج ذلك من خلال كلام الطفل الذي يقول: “سأقود سيارة مثل أبي”، أو الطفلة التي تقول: “سأصبح معلمة مثلك يا أمي”، هذه الجمل لا ينطق بها الطفل أو الطفلة عبثاً، فهي التي تشكل ملامح الطموح داخل عقلهما الصغير.

وعند دخول الطفل المدرسة يوسّع من إدراكه لمفاهيم جديدة؛ مثل الرغبة في “التفوق”، و”النجاح”، و”المنافسة”. وتظهر الفوارق بين الأطفال في مستويات الطموح، وفقاً للدعم والتشجيع الذي يتلقونه من الأسرة.

ومن المعلوم أن الطفل الذي يسمع عبارات التشجيع من والديه بشكل ما؛ تتعزز بداخله الرغبة في المحاولة والوصول، بينما يتراجع الطفل الآخر الذي يُحبَط أو يُقارن – من قبل والديه – بالآخرين باستمرار.

وهذا يشير إلى أن الطموح لدى الطفل لا ينمو في بيئة جامدة، بل يحتاج إلى مساحة من الحرية والتجربة والاكتشاف من دون خوف أو توجيه مفرط، ما يزيد من فرص نمو طموحه بشكل متوازن.

وهنا على الأسرة أن تبادر وتعمل على رعايته وتعزيزه تدريجياً؛ لأن الطموح الذي يتشكّل في سنوات الطفولة المبكرة هو القاعدة التي سيبني عليها الطفل أحلامه في المستقبل.

هذا، وقد أظهرت دراسة حديثة، نشرتها صحيفة “التايمز” البريطانية، أن الأطفال الذين يعيشون ضمن روتين يومي منظم؛ يتمتعون بتطور أكبر في مناطق الدماغ المسؤولة عن اللغة والإدراك والخيال.

والروتين يعني توفير بيئة آمنة ومتوقعة؛ تتيح للطفل استكشاف قدراته ومهاراته تدريجياً؛ إذا عرف الطفل متى ينام ومتى يستيقظ ومتى يلعب؛ يبدأ عقله في التركيز على أهدافه الصغيرة، ومنها يتشكل الطموح تدريجياً.

وتشير دراسة أخرى إلى أن 92% من الأطفال الذين يمارسون أنشطة إبداعية، كالرسم والموسيقى والتمثيل، يصبحون أكثر ثقة بأنفسهم، وأكثر قدرة على الحلم وتحقيق أحلامهم، هذه الأنشطة تفتح الأبواب أمام الطفل لاكتشاف نفسه، والسماح له بالتجربة والتعبير عن ذاته، بعيداً عن الخوف من الخطأ أو النقد، وهنا تبرز أهمية الأنشطة الإبداعية كوسيلة فعّالة لزرع بذور الطموح والجرأة على الحلم.

وغرس الطموح في نفوس الأطفال مسؤولية دقيقة تتطلب وعياً وصبراً من الأمهات الشابات بشكل خاص، وكل تصرف أو كلمة قد تترك أثرها البعيد على شخصية الطفل ورؤيته لنفسه وللعالم من حوله:

استمعي بشكل جيد لطفلك: خصصي وقتاً يومياً للجلوس مع طفلك، واسأليه عن أحلامه وطموحاته، وتقبّليها ورحبي بها مهما بدت بسيطة أو خيالية، استماعك باهتمام؛ يعطيه رسالة واضحة بأنه شخص مهم، وأن أحلامه محل تقدير واهتمام، مما يعزز ثقته بنفسه ويدفعه للمزيد من التخيل والطموح.

احتفلي بإنجازاته الصغيرة: لا تنتظري فقط النجاح الكبير لتُشعري طفلك بالفخر، بل اجعلي من كل خطوة نحو الهدف سبباً للاحتفال، كلمة أو حضن دافئ قد يكونان كافييْن لدفعه نحو المزيد من المحاولات والإنجازات.

عززي قيمة العمل والاجتهاد لدى طفلك: علّمي طفلك منذ الصغر أن الطموح وحده لا يكفي، بل يجب أن يقترن بالعمل والمثابرة، كرري على مسامعه نماذج للنجاح الحقيقية، وشاركيه تجاربك الشخصية في السعي لتحقيق أهدافك، ما يجعله يدرك أن الوصول لأي حلم يتطلب جهداً وتعباً.

امنحي طفلك فرصة للفشل والتعلم منه: لا تخافي من تعريض طفلك للفشل أو التجارب الصعبة، بل كوني بجانبه دائماً لتعلميه كيف ينهض من كبوته ويبدأ من جديد. الطموح الحقيقي سيدتي لا يولد من النجاحات السهلة، بل من القدرة على الاستمرار رغم العثرات.

ابتعدي عن المقارنات القاتلة: تعودي على مقارنة طفلك بنفسه وبتطوره الخاص، لا بأخيه أو جاره أو زميله في المدرسة، واعرفي أن لكل طفل قدراته وأسلوبه الخاص في التعلم والنضج، والمقارنة المستمرة تضعف الطموح وتولد شعوراً بالنقص والدونية.