تكييف قوانين حماية الطفل وفق الاتفاقيات الدولية

الطفولة في الجزائر.. شريحة هامة بحاجة لمزيد من الجهود

الطفولة في الجزائر.. شريحة هامة بحاجة لمزيد من الجهود

📌 أطفال فلسطين.. قلوب صغيرة تحمل وجع أمة

تُحيي الجزائر، اليوم، كغيرها من دول العالم عيد الطفولة الذي بدأت الدعوات للإعلان عنه في عام ألفٍ وتسعمئةٍ وأربعةٍ وخمسين، وذلك من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث دعت جميع الدول إلى تخصيص يومٍ للطفل.

تشكل شريحة الأطفال في الجزائر نسبة هامة من المجتمع وتعمل الدولة على الاهتمام بها، من خلال توفير التعليم والصحة والتوجيه والإرشاد وذلك عبر المؤسسات اللازمة لذلك، ومع ذلك تبقى فئة الطفولة عرضة للعديد من الظواهر التي قد تؤثر على نموها وترعرعها كظاهرة العنف ضد الأطفال.

الجزائر من أوائل الدول المصادقة على اتفاقيات حماية الطفولة

أكدت المفوضة الوطنية لحماية الطفولة مريم شرفي، أن الجزائر من أوائل الدول المصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق الطفل لسنة 1989 لما توليه من “أهمية بالغة لموضوع حماية حقوق الطفل وترقيتها”.

وذكرت شرفي أن “الجزائر صادقت يوم 19 ديسمبر 1992 على الاتفاقية الدولية لحماية الطفولة التي اعتمدتها منظمة الأمم المتحدة شهر نوفمبر من سنة 1989”.

وأشارت المسؤولة إلى أن “الجزائر تولي أهمية بالغة لموضوع حماية حقوق الطفل وترقيتها، وقامت في هذا الإطار بتكييف الكثير من قوانينها لتنسجم مع الاتفاقيات الدولية المصادقة عليها ضمن الوفاء بالتزاماتها الدولية في هذا المجال”.

وأضافت أن “الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة نصبت سنة 2019 اللجنة الموضوعاتية المكلفة بصحة الطفل بمشاركة العديد من الهيئات بما فيها ممثلي المجتمع المدني، ونظمت اللجنة منذ تنصيبها عدة أنشطة لحماية وترقية صحة الطفل في كل المجالات ومنها الصحة العقلية”.

استحداث مندوبيات ولائية لحماية وترقية الطفولة

وفي سياق متصل، كشفت شرفي أن الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة تسعى “لاستحداث مندوبيات تابعة لها عبر الولايات”.

وأوضحت شرفي في تصريح للصحافة أن هذه الهيئة “تعمل بالتنسيق مع جميع المتدخلين في مجال حماية الطفولة على كافة المستويات، لكنها تهدف لتدعيم جهودها على المستوى المحلي من خلال استحداث مندوبيات ولائية تابعة لها”.

وقالت ذات المسؤولة بأنه “لا يكفي الحديث عن حقوق الطفل، بل يجب العمل على جعله يتمتع بها حتى يتمكن من ممارسة حياته بالشكل الذي يضمن تطور قدراته على اعتبار أن هذه الفئة التي يقدر تعدادها بالجزائر بـ 16 مليون تمثل جيل المستقبل وثروة الوطن”.

ضرورة التبليغ عن كل مساس بحقوق الطفل

وأكدت شرفي في تصريح للصحافة على هامش معاينتها لواقع التكفل بالأطفال بمقر جمعية براعم الرحمان في إطار زيارة عمل على “أهمية بذل مجهودات أكبر للقضاء على المشاكل التي يمكنها المساس بالأطفال”، مشيرة إلى أن الزيارات الميدانية للهيئة التي تشرف عليها تهدف إلى الوقوف على واقع التكفل بهذه الفئة لتقديم كل التوصيات الكفيلة بتحسين أوضاع الطفولة.

كما أكدت على “أهمية التبليغ عن كل مساس بحقوق الطفل”، مضيفة أنه “يتعين تكريس ممارسة الطفل لحقوقه في اللعب والرعاية والتربية والحماية والمشاركة في إبداء الرأي”. وقالت شرفي: “إن مساعي الدولة واضحة المعالم في التكفل بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة ومن بينهم المصابين بالتوحد، حيث يتم التركيز على التحسيس بأهمية الكشف المبكر عن الإصابة بهذا المرض لضمان التكفل بالحالات المرتبطة به”، مؤكدة أن حماية مستقبل الوطن مرهونة دائما بما يقدمه الكبار للأطفال.

700 إخطار منذ بداية السنة الجارية

وأضافت المتحدثة بأن “مسعى حماية الطفولة يتطلب تدخل وإشراك الجميع بما فيهم وسائل الإعلام التي يتعين عليها التعريف بالرقم الأخضر 1111 الخاص بالإخطار عن أي مساس بحق الطفل، بهدف حمايته من شتى أنواع الاعتداءات أو محاولة تعرضه للاختطاف”، مشيرة إلى أن مصالح الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة تستقبل يوميا قرابة 10 آلاف اتصال عبر هذا الرقم، كما سجلت منذ بداية السنة الجارية 2022 وإلى غاية اليوم 700 إخطار يتعلق بالمساس بحقوق الطفل.

واستنادا لذات المتحدثة، فإنه من بين الجهود التي قامت بها الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة بإشراك جهات أخرى في هذا الميدان “تكوين الناشطين في الجمعيات التي تعنى بالطفولة لخلق شبكة مجتمع مدني تساهم في تعزيز حقوق الطفل عن طريق عمليات التحسيس والتبليغ عن حالات المساس بهذه الحقوق، للتمكن من التدخل السريع وتفادي الأخطار التي تحدق بهذه الفئة على مستوى المحيط الذي تعيش فيه”، مستشهدة بحالة الطفل الذي توفي مؤخرا بولاية البليدة بعد أن نهشته الكلاب.

وأكدت ذات المسؤولة بأن الجزائر “قطعت أشواطا كبيرة في مجال ترقية حقوق الطفل بما وفرته من قوانين وآليات في هذا الشأن”، مردفة بأن الخرجات الميدانية التي تقوم بها كمفوضة وطنية لحماية الطفولة هي من أجل الوقوف على واقع حقوق الطفل عبر مختلف المؤسسات والمصالح المكلفة باستقبالهم.

الأطفال الفلسطينيون أكثر معاناة من أقرانهم

في الحروب والصراعات الدائرة في العالم قد تكون الصورة عاجزة عن نقل المآسي الحقيقية، وقد تكون ظالمة أحيانًا تبرز واقعة وتهمل أخرى لاعتبارات كثيرة لا يمكن حصرها، إلا أنه في الحالة الفلسطينية كل الصور والفيديوهات تنطق محنًا وتتكلم آلامًا، كيف لا وأبطالها رسموا معانٍ جديدة لمفهوم الطفولة.

تحمل صفحات التاريخ قصصًا موثقة عن جرائم الاحتلال بحق أطفال فلسطين، فمنذ عام 1948 مارس الإسرائيليون قمعًا متوحشًا تجاه أصحاب الأرض عامة والأطفال بشكل خاص باستهدافهم إما بالقتل وإما بالإصابات وإما بالتهجير والحصار.

وفي هذا السياق، ذكر نادي الأسير، في تقرير له، أنّ نحو 160 قاصرا يقبعون في سجون الاحتلال، وموزّعون على سجون “عوفر” و”الدامون” و”مجدو”، مشيرا إلى أن سلطات الاحتلال اعتقلت نحو 19 ألف طفل (أقل من عمر 18 عاما) منذ اندلاع الانتفاضة الثانية في سبتمبر عام 2000، من بينهم أطفال بعمر أدنى من 10 سنوات.

ويؤكد النادي، أن ثلثي الأطفال المعتقلون تعرّضوا لشكل أو أكثر من أشكال التّعذيب الجسدي، فيما تعرّض جميع المعتقلين للتّعذيب النّفسي خلال مراحل الاعتقال المختلفة، لافتا إلى أن سلطات الاحتلال تمارس بحقّ الأطفال المعتقلين أنماطاً مختلفة من التّعذيب خلال وبعد اعتقالهم، وذلك بشكل ممنهج وواسع النّطاق، ما يعتبر من بين المخالفات الجسيمة للقانون الدولي، خاصّة اتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية حقوق الطّفل، وذلك منذ لحظة اعتقالهم، ومروراً بالتّحقيق القاسي معهم، وحتّى اقتيادهم إلى السّجون.

وأبرز في تقرير له أكثر ما يتعرض له الأطفال الفلسطينيون من جرائم خلال اعتقالهم من قبل جنود الاحتلال، ومنها اعتقالهم ليلاً، والاعتداء عليهم بالضّرب المبرح، أمام ذويهم، وإطلاق النار عليهم قبل وخلال عملية اعتقالهم، واقتيادهم وهم مكبّلي الأيدي والأرجل ومعصوبي الأعين، وإبقاؤهم دون طعام أو شراب لساعات طويلة، والمماطلة بتبليغهم بأن لديهم الحقّ بالمساعدة القانونية، وتعرّضهم للتّحقيق دون وجود ذويهم بما يرافق ذلك من عمليات تعذيب نفسي وجسدي، إضافة إلى انتزاع الاعترافات منهم وإجبارهم على التوقيع على أوراق دون معرفة مضمونها، وتهديدهم وترهيبهم، وخضوع بعضهم لتحقيق المخابرات، واحتجازهم في مراكز التحقيق والتوقيف لمدة تصل إلى الشّهرين.

وقد أوضح أن المعتقلين الأطفال يتعرّضون لأساليب تعذيب شتّى ومعاملة لا إنسانية ومنافية للمعايير الدّولية لحقوق الإنسان، حيث يتم احتجاز غالبيتهم في سجون داخل دولة الاحتلال، بشكل يخالف اتفاقية جنيف الرابعة، ويتسبّب في حرمان الغالبية منهم من زيارات ذويهم. هذا بالإضافة إلى معاناة الأهل في الحصول على التصاريح الّلازمة للزيارة، التي تمنحهم حق التنقّل، حيث تماطل سلطات الاحتلال في منح التصاريح ما يطيل فترة الانتظار، فيما تحرم كثير من العائلات من الحصول عليها.

ويشير إلى العذابات التي يعيشها الأطفال الأسرى جراء وضعهم في مراكز توقيف ومعتقلات تفتقر للحد الأدنى من المقوّمات الإنسانية، حيث يحرمون من حقهم في التّعليم، والعلاج الطّبي، ويحرمون من إدخال الملابس، والأغراض الشخصية، والكتب الثقافية، ولا تتوانى إدارة السّجون عن معاملتهم كمعاملة الأسرى البالغين، باقتحام غرفهم ورشّهم بالغاز وضربهم وتقييدهم وإلحاق العقوبات بهم، كالعزل وسحب الأغراض الشخصية والحرمان من “الأكل”.

ل. ب