الصيادون ينفون تسببهم في غلاء الأسماك.. المضاربة في الأسعار تحرم الجزائريين من السمك

الصيادون ينفون تسببهم في غلاء الأسماك.. المضاربة في الأسعار تحرم الجزائريين من السمك

* زبدي: “الصيادون يلجئون إلى رمي الأسماك في البحر عوض إدخالها إلى الأسواق وذلك لإبقاء العرض أقل من الطلب”

___________________________________________

عرفت أسعار سمك السردين في الجزائر ارتفاعا كبيرا تجاوز السعر العادي بثلاث مرات، ما أدى إلى عزوف الجزائريين عن شراء الأسماك، فيما تبرر الحكومة هذا الغلاء بالعديد من العوامل الطبيعية واللوجستية.

تشهد أسواق السمك في مختلف ولايات الوطن، ارتفاعا قياسيا في أسعار سمك السردين الذي تحول إلى غذاء الملوك والعائلات الميسورة والمحرم على الفقراء، الذين أصبحوا لا يستطيعون حتى النظر إليه، بعدما بلغت أسعار سمك السردين عتبة الـ1000 دج للكيلوغرام الواحد.

 

عائلات لا تتذوق السمك

يقول أحد المواطنين إنه تعود على سماع التبريرات المختلفة مع كل زيادة بالأسعار، وقد أظهر العديد منهم بسوق ميلودي برينيس بباش جراح، تذمرهم من استمرار هذا الوضع على حاله، خاصة مع اقتراب شهر رمضان الكريم.

ويقول “سفيان” الذي كان يتفحص أسعار الأسماك المعروضة بالسوق، إن المواطن البسيط لم يعد يقدر على شراء السردين لأطفاله لأن سعرها مرتفع جدا، فما بالك بالجمبري والميرلون والروجي، وأقر بأن عائلته لم تتذوق طعم السمك منذ أكثر من شهر.

ولم تخف السبعينية “زينب” تذمرها من الأسعار الملتهبة في أسواق السمك بالعاصمة، وقالت إن زوجها المريض هو فقط من يتناول السمك لأن الأطباء نصحوه بذلك، أما بقية الأسرة فهي محرومة منه.

بدورها تأسفت سامية (35 عاما) لكونها لن تتمكن من تزيين مائدتها بمختلف المأكولات البحرية، لكنها ستعوض السمك الطازج بالمجمد، كما تقول.

ويأمل البعض أن تتغير الظروف وأن تتمكن الدولة من ضبط الأسعار ليس فقط بسوق السمك، وإنما بأسواق الخضار والفواكه وكل المواد الاستهلاكية خاصة والشهر الفضيل قد اقترب.

 

تبادل الاتهامات بين التجار والصيادين

لا يجد تجار السمك في سوق ميلودي برينيس بباش جراح بالعاصمة تفسيراً للمستوى الذي بلغته أسعار الأسماك في الأسابيع الأخيرة، مؤكدين أنهم أضحوا يشعرون بالحرج تجاه الزبائن الذين يقصدونهم منذ سنوات، الأمر الذي دفعهم إلى الاكتفاء بهامش ربح صغير يسمح للزبائن باقتناء ما يناسبهم ويضمن عودتهم للشراء متهمين الصيادين والوسطاء وتجار الجملة بممارسة المضاربة لإبقاء الأسعار المرتفعة.

وجرت العادة على أن ترتفع أسعار الأسماك في الأيام والأسابيع التي تشهد تقلبات جوية، غير أن تلك الأسعار تأبى التراجع بعد أكثر من شهر على استقرار الأحوال الجوية، وعدم تساقط الأمطار منذ نهاية جانفي الماضي.

وحسب التجّار، قفزت أسعار الجمبري من 2800 دينار للكيلوغرام إلى 3500 دينار وسمك موسى من 1100 دينار للكيلوغرام إلى 1500 دينار (وهي زيادات تتجاوز ثُلث مستويات ما كانت عليه الأسعار قبل الشهر الأول من سنة 2021)، في حين ارتفعت أسعار السردين من 200 دينار إلى 1000 دينار وهي زيادة قياسية لم يشهدها “سمك الفقراء” من قبل.

من جهتهم، تبرأ ممثلو الصيادين من الزيادات التي مست أسعار السمك، إذ أكد رئيس الفيدرالية للصيادين حسين بلوط، أن “موسم الصيد متوقف حاليا، كما أن بعض الصيادين يستعملون المتفجرات وشباك ممنوعة دوليا، أثرت على الثروة السمكية للجزائر”.

وأكد حسين بلوط، أن موسم الصيد متوقف حاليا، كما أن بعض الصيادين يستعملون المتفجرات وشباك ممنوعة دوليا، أثرت على الثروة السمكية للجزائر.

ويتوقع حسين بلوط، أن تستمر أسعار السمك في الارتفاع خلال السنوات القليلة القادمة، ما لم تسارع السلطات المعنية بالتصدي لمختلف مظاهر التلوّث التي طالت البحر، وإلزام مختلف المؤسسات بالتخلص من نفاياتها بعيدا عن السواحل.

وإلى ذلك قال رئيس الجمعية الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك، مصطفى زبدي، إن “الكل يتحمل المسؤولية في ارتفاع أسعار السمك وكل المنتجات، ولعل المسؤولية الأكبر تقع على المستهلك لأنه آخر حلقة، فلو قاطع الجزائريون شراء السمك لتضررت تجارة الصيادين والوسطاء”.

مضيفا أن “الصيادين يلجئون إلى رمي الأسماك في البحر عوض إدخالها إلى الأسواق وذلك لإبقاء العرض أقل من الطلب، وبالتالي الحفاظ على الأسعار مرتفعة، وكل هذا وسط غياب للرقابة، وغياب ثقافة الاستهلاك لدى الجزائريين، الذين لم يتبنوا بعد ثقافة المقاطعة لمعاقبة التجار ومن يقف خلفهم”.

 

رئيس الجمهورية يأمر بتوضيح وشرح الأسباب الحقيقية لارتفاع أسعار السمك

وصل صدى ارتفاع أسعار الأسماك في الجزائر إلى أعلى هرم السلطة، حيث أمر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، خلال ترأسه اجتماع مجلس الوزراء نهاية شهر فيفري المنصرم، بتوضيح وشرح الأسباب الحقيقية لارتفاع أسعار السمك، مطالبا بالتوجه نحو إنشاء الحظائر البحرية لزيادة المنتوجات الصيدية.

كما أمر رئيس الجمهورية أيضا، بإنشاء مشاريع شبانية خلاّقة لمناصب الشغل وتشجيع التجارب الناجحة وكذا إعادة الاعتبار للصيد البحري من خلال جعله في متناول الجميع عكس الوضع الحالي.

رفيق.أ/ الوكالات