الصدق منجاة

الصدق منجاة

 

الصدق خلق كريم، لا يتَّصف به إلاَّ ذو القلب السليم، وقد أمر الله تعالى به في كتابه، فقال سبحانه: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ” التوبة: 119. والصدق خلق الأنبياء، فأول ما يجب أن يتصف به النبي هو الصدق، إذْ يستحيل أن يبعث الله تعالى كذَّاباً، فتأييد الله تعالى له بالآيات البينات دليل على صدقه، كما أن إتباع الناس له، وظهور أمره كل ذلك يدل على صدقه. قال الله تعالى في إبراهيم عليه السلام ” وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ” مريم: 41، وقال في إدريس عليه السلام مثل ذلك. وقال في إسماعيل عليه السلام ” وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيًّا” مريم: 54. وقد كان العرب في جاهليتهم قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم يُلقِّبونه بالصادق الأمين، فما كانوا يؤثرون عليه كذباً قط.

كيف وقد أمرنا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بالصدق وحثَّنا عليه، ونهانا عن الكذب وحذَّرنا منه، وأوضح لنا منزلةَ الصدق والصادقين والكذبَ والكاذبين، في قوله: “عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ؛ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا. وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ؛ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا” رواه مسلم. ومن ذلك حديث الثلاثة الذين هم أوَّل مَنْ تُسعَّر بهم النار يوم القيامة؛ بسبب عدم صدقهم في النية والإرادة: فيقال للذي استُشهد: “كَذَبْتَ. وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ. فَقَدْ قِيلَ”. ويقال للعالِم: “كَذَبْتَ. وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ. فَقَدْ قِيلَ”. ويُقال للمُنفِق: “كَذَبْتَ. وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ. فَقَدْ قِيلَ”. ثم أُمر بهم جميعاً فسُحِبوا على وجوههم ثم أُلقوا في النار” رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: “أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ” رواه البخاري ومسلم.