يتحدث الطب منذ عقود عن علاقة ما بين تقلبات الطقس، وعن الجو الخريفي بالذات، وتفاقم حالات الصداع النصفي(الشقيقة)، إلا أنه لا تتوفر دراسة علمية تثبت هذه العلاقة.
يحاول البروفيسورالألماني يورغ شايدت، استاذ أنظمة المعلوماتية في جامعة الهوف الألمانية، تأكيد العلاقة بين تقلبات الطقس ونوبات الشقيقة علمياً، عن طريق استفتاء المعانين من الداء في ألمانيا وسويسرا والنمسا. ووزعت جامعة الهوف منذ جوان الماضي تطبيقاً للاندريويد 2.0 يحمل اسم”رادار الشقيقة”يتيح للمعانين من داء الشقيقية المشاركة في استفتاء عام حول مختلف جوانب المرض، ولكن عن علاقته بالطقس أساساً.
شارك حتى الآن 800 مواطن من البلدان الناطقة بالألمانية في هذا المشروع الذي تشارك فيه عدة جامعات طبية ألمانية، وينوي شايدت توسيع المساهمة عن طريق تخصيص صفحة إلكترونية يمكن خلال عدة أشهر أن تستقطب عشرات الآلاف ممن قد يثير الخريف الجاري نوبات الصداع النصفي لديهم، ويؤكد الباحث ان الهدف من الدراسة هو تشخيص العلاقة بين المرض والطقس برغبة التوصل إلى طريقة للتخفيف من شدة المرض على المعانين منه.
تشارك في بنك المعلومات هذا جامعة روستوك الطبية وعيادة الصداع وداء الشقيقة في كونغشتاين، وذكر شايدت ان معظم عيادات معالجة الصداع والصداع النصفي تكلف المرضى بكتابة”يوميات” المرض وعلاقته بالنهار والليل والفصول والشروق والغروب…إلخ، وكل هذه العيادات مدعوة لوضع ما لديها من معطيات في الصفحة الإلكترونية لرادار الشقيقة. وهذا يعني ان الصفحة ستتحول إلى نوع من بنك معلومات لكل مرضى المنطقة الناطقة بالألمانية.
يعتبر الصداع النصفي من أكثر أنواع آلام الرأس شدة وانتشاراً بين السكان، وخصوصاً النوع المفاجيء منه، الذي يداهم المصاب دون أورة ، أي بدون حس شخصي بإمكانية حدوثه. وتتميز الشقيقة بحدوث آلام رأس شديدة أحادية الجانب، نابضة، تتصاعد ببطء، وتدوم لفترة تمتد بين 4 ساعات-و3 أيام و مصحوبة بالغثيان والقيء، وربما بالإسهال وكثرة الإدرار.
وتتصاعد مع نوبات الآلام حساسية المصاب للضوء والضوضاء والروائح وتقسر هذه التطورات المريض على الانسحاب الى غرفة مظلمة والانعزال عن الآخرين والخلود الى النوم، ويتعرض بعض المصابين الى نوبتين أو ثلاث طوال فترة حياتهم في حين يتعرض آخرون الى نوبة أو نوبتين كل أسبوع
مع وجود فترة من الهدوء والرائحة تتخلل النوبات. وتعتبر الفترة الممتدة بين المراهقة ومنتصف العمر من أخطر فترات التعرض لنوبات الشقيقة.
رياح الألب الدافئة
يعاني 10 % من الألمان من داء الشقيقة، مع تفوق ظاهر للنساء في هذا المجال(ثلاثة أضعاف)على الرجال، وهكذا أصبح المرض الأكثر “شعبية” فيألمانيا، وتفوق على داء السكري الذي يصيب 8 %،ويأتي إسم”ميغرين” من اليونانية القديمة ويعني”نصف الجمجمة”.
ويبدو أن أهالي ولاية بافاريا، الألمانية الجنوبية، وحيث جبال الألب، يعانون أكثر من غيرهم من الألمان من داء الشقيقة، وحينما تهب رياح الألب الدافئة نحو ميونخ يقول أهاليها ان معاناتهم من الشقيقة تزداد. ويرى البروفيسور شايدت أن مشاركة الآلاف من ألمانيا والنمسا وسويسرا، حيث تتركز جبال الألب، في الدراسة، وتأكيدهم المعاناة من الصداع النصفي بالعلاقة مع الطقس، سيمكنه من القول بثقة علمية”ان لرياح الألب الدافئة دوراً فعلاً في الموضوع”.
ويأمل شايدت بالطبع بتوسيع المشروع ليشمل أوربا، بل وربما العالم، لكن مشاركة عشرات الآلاف في كتابة “يوميات المرض” يكفي لتأكيد العلاقة. ويفترض أن تكون مشاركة المرضى منتظمة وخلال مدة لا تقل عن سنتين كي تكتسب الدراسة مداها الزمني المطلوب.
أربعة آلام مهمة بين 176 نوعاً من الصداع
ويعرف الأطباء في العالم نحو 176 نوعاً من آلام الرأس، بحسب تقرير البروفيسور كريستوف، دينر أمام المعرض الطبي الدولي للأجهزة الطبية”ميديكا” الذي يعتبر الأكبر من نوعه في العالم ويقام مرة كل سنتين في دسلدورف، إلا أن أهم هذه الآلام وأشهرها وأكثرها انتشاراً بين الناس هي: الصداع النصفي(الشقيقة)،الصداع التوتري(الناجم عن التوتر)، والصداع العنقودي ، والصداع الناجم عن تعاطي الأدوية.
ق.م