الصحة النفسية للطفل

الصحة النفسية للطفل

 

إنَّ للأسرة تأثيرًا أساسيًّا في تكوين شخصية الطفل من سائر جوانبها ومراحل نموِّها، خاصة النمو النفسي أو الانفعالي؛ لذا تلعب الظروف التي تعيش فيها أيُّ أسرة، والعلاقات التي تسود بين أفرادها – دورًا مهمًّا وأساسيًّا في هذا المجال، تعكس بظلالها على الوضع النفسي للطفل وسلوكياته بصورة مباشرة، الأمر الذي يُلقي على عاتق الأسرة مسؤولية كبيرة وحسَّاسة في الوقت نفسه، ومن واجباتها لتحقيق صحة نفسية أفضل لأطفالها نذكر: إبعادهم عن أجواء المشاحَنات التي تحدث بين أفراد الأسرة وبين الوالدين على وجه الخصوص، والتي تكون عادةً بيئة نفسيَّة سيِّئة للنمو، ومصدرًا للعديد من المشكلات النفسية والاجتماعية، كما عليها أن تتجنَّب التفرقة في المعاملة، ‏أو اللجوء إلى المقارنة بين الأطفال، أو استخدام أساليب الزجر والتهديد والحِرمان، والعقاب البدني والنفسي المبالَغ فيه، أو توجيه عبارات التوبيخ والانتقاد المستمرَّة لهم، اعتقادًا بإسهامها في تربيتهم تربية قويمة.

الحقيقة أنَّ معايشة العُنف الأُسري والحدَّة في تربية الأطفال، والتشدُّد في معاملتهم يؤثِّر سلبًا على صحتهم النفسية والعقلية؛ إذ يجعلهم عُرضة للخوف والعجز والفشل، ويقلِّل من قدراتهم على مواجهة المواقف الاجتماعيَّة، ويَخلق لَدَيهم مشكلات عدَّة؛ كالاكتئاب والقلق والكذب، والعُزلة والانطواء والسلوك العدواني، ومن جهة أخرى فإنَّ مِن واجب الأسرة وخاصة الوالدين ألاَّ تتجاوز حدود الحرص والاهتمام بأطفالها، أو تُسرف في تدليلهم وحمايتهم، وتُغدق عليهم الهدايا والهِبات، أو تقوم بالمسؤوليَّات التي يجب أن يقوموا هم بها، فالدلال الزائد يجعل الطفل أكثر تمرُّدًا وأكثر ميلاً إلى الغضب، ويَحرمه من فرص التفاعل الأمثل مع بيئته، إضافة إلى مشاكل أخرى؛ كضَعف الشخصيَّة، والخوف والانطواء، والأنانية وغيرها، كما عليها ألاَّ تتغاضى أو تتجاهل سلوكَهم السلبي، أو تتستَّر على أخطائهم، وألاَّ تفرضَ عليهم ما لا يرغبونه أو يُطيقونه؛ تحقيقًا لرغبات الكبار في جَعْلهم نسخًا مُكَرَّرة عنهم، ولا بد – وَفْقًا للتربية الحديثة – من إعطائهم الحرية المناسبة التي تُمَكِّنهم من اختياراتهم وَفْق رغباتهم، وبما يتناسب مع قدراتهم، ويراعي خصائصهم ومستويات نموهم، مع تحاشي تَرْكهم فِعْلَ كلِّ ما يريدون بدون توجيه وإرشاد غير مباشر.