تاريخ وتراجم

الصحابي عبد الله بن رواحة

الصحابي عبد الله بن رواحة

صحابيُّ اليوم هو الأميرُ الشاعر، والفارس المِغوار، ومَن كان سببًا في إسلام أبي الدَّرْدَاء، إنَّه شهيدُ يوم مؤتة: عبد الله بن رَوَاحة. كان عبد الله من أُسرة كريمة، فكان يقرأ ويكتُب، وكان ذلك نادرًا عندَ العرب، بل لقدْ كان شاعرًا، وجمَع إلى ذلك أنَّه كان فارسًا شجاعًا لا يُشقُّ له غُبار، أسعده القدر بلقاءِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عندما ذهب لأداءِ الحج مع قومِه، فكانت بيعة العَقَبة وتقدَّم ابن رَواحة وصافَح وبايَع رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في بَيعة العَقبة الثانية، وعاد إلى المدينة ليبدأَ رِحلة الكفاح والدَّعْوى إلى الإسلام. كانتْ تجمعه بأبي الدرداء أواصرُ الصداقة والمحبَّة، فقد كانا مُتآخِيين في الجاهليَّة، فلمَّا جاء الإسلام اعتنقه عبدُ الله بن رواحة، وأعرض عنه أبو الدرداء، ولكن الصَّدِيق هو مَن يحمل همَّ صديقه، ويأمل له الخير كما يأمل لنفسِه، ولقد كان ابنُ رواحة نِعْمَ الأخ والصديق، فقد دخَل بيت أبي الدرداء وهو غائب، فحطَّم صنَمه، فلمَّا عاد أبو الدرداء وجَدَ صنمَه مُحطَّمًا، وعرَف أنَّه لو كان ذا نفْع لدافَع عن نفسه، فاغتسل ولبِس حُلَّته، وذهب إلى رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأسلم على يديه. وهكذا احتلَّ ابنُ رواحة مكانةً عظيمة في نفْس أبي الدرداء، فكان دائمَ الذِّكْر له ولفضله عليه، وبأنَّه كان السببَ في هِدايته وإسلامه، وأُثِر عنه قولُه: ” أعوذ بالله أن يأتي عليَّ يوم لا أذكُر فيه عبدَ الله بن رواحة”، قال أبو الدرداء: إنْ كنا مع رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في السفر في اليوم الحارِّ ما في القوم أحدٌ صائم إلاَّ رسول الله وعبد الله بن رواحة. وكان ابنُ رواحةَ مِن شعراء رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم هو وحسَّان بن ثابت، وكعْب بن مالك. كان ابنُ رواحة شديدَ التقوى والورع، فعن سليمان بن يَسار: أنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كان يبعث ابنَ رواحة إلى خيبر؛ ليُقدِّر قيمةَ الخَراج لليهود، فجَمَعوا حُليًّا مِن نسائِهم، فقالوا: هذا لك، وخَفِّف عنَّا، قال: يا معشرَ يهود، واللهِ إنَّكم لِمَن أبغضِ خلْق الله إلي، وما ذاك بحاملي على أن أَحيفَ عليكم “أظلمكم”، والرِّشْوة سُحتٌ، فقالوا: بهذا قامتِ السماء والأرض؛ أي: “بالعدل والتقوى”.