لقد سعت فرنسا جاهدة على أن تكون فرصة التعليم الوحيدة المتاحة للجزائريين، تنحصر في الالتحاق بالمدارس الحكومية، وأن تضيق بشدة على ما تبقى من المدارس العربية الحرة، حتى تصير اللغة الفرنسية لغـة التعليـم والثقافـة، ولغة الآباء والأمهات. هـذا كله جعـل ابن باديس ورفاقه يهتمون كثيرا بالمدرسة، باعتبارها الأداة الملائمة والفعالة لانتشال الأمة من وهدة الجهل والتبعية. ومن المدارس والمعاهد التي أسسها ابن باديس أو ساهم في نشاطها، نذكر ما يلي:
– مدرسة جمعية التربية والتعليم الإسلامية بقسنطينة : التي كانت بمثابة النواة الرئيسة للمشروع التربوي في منطقة الشرق الجزائري.. أسسها الشيخ عبد الحميد بن باديس وجماعة من الفضلاء المتصلين به، من بينهم السيدان: العربي وعمر بن غسولة، وكان محل هـذه المدرسة فوق مسجد “سيدي بومعزة” ، ثم نقلت إلى مبنى الجمعية الخيرية بقسنطينة ، التي تأسست في 1917 ، ثم أصبحت في سنة 1930 مدرسة جمعية التربية والتعليم الإسلامية، وقد أولاها ابن باديس عناية خاصة، في اختيار معلميها، ورعاية طلبتها، وتقديم مختلف ألوان العون المادي والمعنوي لهم.
– دار الحديث: افتتحها الشيخ عبد الحميد بن باديس بمدينة “تلمسان” ، في خريف سنة 1356هـ- 1937م.. وتعتبر دار الحديث من أكبر المدارس التابعة للجمعية في الغرب الجزائري، وكان فتحها تحديا لسياسة المستعمر، التي تحول دون فتح المدارس الحرة، وتدريس العلماء بها.
– المدرسة الموفقية: في مدينة سانطارنو قرب “سكيكدة” ، أسسها الشاب الأديب السيد محمد بن الموفق، للتعليم والتهذيب، بتأييد فضلاء البلد، وقد زارها الشيخ ابن باديس في صيف 1348هـ- 1929م، وألقى فيها دروسا في التفسير، ولزوم التعليم، ورفع الأمية .
– مدرسة الإخاء: أسست في سنة 1921م، بمدينة “بسكرة” ، التي تبعد حوالي ثلاثمائة ميلا جنوب الجزائر العاصمة. وكانت تسميتها بمدرسة الإخاء تعبيرا عن روح الأخوة والتضامن، في مواجهة المخاطر المحدقة بالأمة في تلك الآونة، وانتصب للتدريس بها جماعة من علماء البلدة. إن المدارس التي ساهم ابن باديس في إنشائها كثيرة، يضيق المقام بسردها، وقد اكتفينا بما اشتهر منها.
الكاتب محمد حميداتو