قـال الله تـعـالـى: ” يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة” التحريم. فالأسرة هـي اللبنة الأولى في بناء المجتمع المسلم، ومحضن ذلك هـو البيت وما يقدم فيه من تربية، وعماد ذلك كله هـو المرأة المسلمة. فالبيت هـو المدرسة الأولى والمصنع الأصلي لتكوين الرجال، وتدين الأم هـو أساس حفظ الدين والخلق.. والضعف الذي نجده من ناحيتهما في رجالنا، معظمه نشأ من عدم التربية الإسلامية في البيوت، بسبب جهل الأمهات وقلة تدينهن. لذلك أولى ابن باديس تعليم المرأة المسلمة اهتماما كبيرا، مدركا الخطر المحدق بالأمة إذا تركت المرأة بغير تعليم. حيث كان أهالي الجزائر في زمن الاستعمار يمنعون بناتهم من الذهاب إلى المدارس الحكومية، لأن القائمين عليها ليسوا مسلمين.. واستمر الأمر كذلك إلى أن منعوهن من التعليم في الكتاتيب الحرة، غيرة على الأعراض وحفاظا على الدين في نظرهم. فبقيت المرأة بعيدة عن التعليم إلى أن ظهرت بوادر الحركة الإصلاحية، فنادى الشيخ ابن باديس بضرورة تعليم البنات، وتوفير المكان المناسب لهن دون الاختلاط بالذكور، معطيا بذلك روحا جديدا للتعليـم في الجزائر لم يكن معهودا فيها من قبل، ذلك لأن المجتمع لا ينهض إلا بالجنسين الرجل والمرأة، مثل الطائر لا يطير إلا بجناحيه. وفي ذلك يقول الإمام عبد الحميد بن باديس: “علينا أن نكمل النساء تكميلا دينيا، يهيئهن للنهوض بالقسم الداخلي من الحياة، وإعداد الكاملين ومساعدتهم للنهوض بالقسم الخارجي منها، وبذلك تنتظم الحياة انتظاما طبيعيا تبلغ به الإنسانية سعادتها وكمالها”. وإذا أردنا إعداد المرأة المسلمة للقيام بوظيفة تربية الأجيال، فلابد من توافر الشروط التي تؤهلها للقيام بذلك، مثل العلم الشرعي والعمل به، وهو ما يشير إليه ابن باديس بقوله: “إذا أردنا أن نكون رجالا، فعلينا أن نكون أمهات دينيات، ولا سبيل إلى ذلك إلا بتعليم البنات تعليما دينيا، وتربيتهن تربية إسلامية، وإذا تركناهن على ما هـن عليه من الجهل بالدين، فمحال أن نرجو منهن أن تكون لنا عظماء الرجال.. وشر من تركهن جاهلات بالدين، إلقاؤهن حيث يربين تربية تنفرهن من الدين، أو تحقره في أعينهن، فيصبحن ممسوخات لا يلدن إلا مثلهن”. لذا كان تعليم المرأة أمرا حيويا بالنسبة لمستقبل الأمة، فهي مدرسة الأجيال، إذا صلحت صلح البيت، وإذا فسدت فلا تلد إلا نكدا.
الكاتب محمد حميداتو