الشعور ببرودة الشتاء… كيف تتعامل معه؟

الشعور ببرودة الشتاء… كيف تتعامل معه؟

 

يعيش الإنسان –من أي بيئة كانت- أكثر راحة عندما تكون درجة حرارة الأجواء ما بين 20 درجة مئوية إلى 25 درجة مئوية. ومع ذلك، تشير المصادر الطبية إلى أن مدى تقبل جسم الإنسان الطبيعي (السليم من أي أمراض مزمنة) للبرودة يرجع بالأصل إلى كفاءة قدرة «التكييف البيئي» لديه. ونلاحظ أن الأشخاص الذين يعيشون في بيئة باردة، لديهم قدرة أكبر على «تقبّل» درجات الحرارة المنخفضة في فصل الشتاء، مقارنة بأولئك الذين يعيشون غالب أوقات السنة في أجواء حارة أو معتدلة.

وتضيف تلك المصادر الطبية أن مقدار «شعور» الجسم بدرجة حرارة الأجواء، يختلف وفقاً لعدد من العوامل داخل الجسم وفي البيئة المحيطة به. ومن عوامل البيئة المحيطة، فإن ذكر أخبار الطقس رقماً معيناً (كمقدار لدرجة حرارة الأجواء) لا يعني بالضرورة أن جميع الناس سيشعرون بمقدار واحد من البرودة في أجسامهم. كما أنه لا يعني أيضاً أن الناس في مدينة معينة، سيشعرون بنفس مقدار برودة الأجواء في مدينة أخرى بعيدة عنها، وفيها نفس درجة حرارة الأجواء.

الحرارة الجوفية

كما تذكر المصادر الطبية أن هناك اختلافا فيما بين “انخفاض حرارة جوف الجسم” وبين “زيادة الشعور الذاتي بالبرودة”، وتوضح ذلك بأن المرء الطبيعي قد يشعر بالبرودة المزعجة في أجواء الشتاء الباردة، ولكن تكون درجة حرارة جوف جسمه ضمن المعدلات الطبيعية. وبالمقابل، قد يحصل انخفاض شديد في حرارة الجسم عند الوجود في أجواء باردة، ومع ذلك لا يشعر الشخص بتلك البرودة الشديدة، وبالتالي لا يتنبه إلى ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لمنع تدهور حالة جسمه نتيجة ذلك الانخفاض في حرارة جوفه. وهذه الحالة لها أسباب متعددة. وهناك حالة ثالثة، تكون فيها درجة حرارة الأجواء معتدلة جداً ودرجة حرارة الجسم طبيعية جداً، ومع ذلك يعاني الشخص من الشعور بالبرودة الشديدة، ويظل يبحث عن الدفء آنذاك. وهي أيضاً حالة لها أسباب متعددة.

وما يهم في أجواء الشتاء الباردة هو أن انخفاض درجة «حرارة جوف الجسم» إلى 35 درجة مئوية وما دون، هو حالة طبية إسعافية تُسمى «انخفاض حرارة الجسم”، وغالباً ما تحصل نتيجة فقدان كمية كبيرة من الحرارة الداخلية للجسم. وهذا الفقد الحراري له آليات وأسباب متعددة. وانخفاض درجة «حرارة جوف الجسم» يختلف عن الإصابة بالبرد الموضعي أو الطرفي ، الذي قد يعتري أحد أجزاء الجسم، جراء التعرض المباشر لبرودة الطقس، نتيجة إما تدني قدرة الجسم على مقاومة ذلك، أو عدم حرص المرء على حماية نفسه من البرودة في تلك المناطق من جسمه.

وجسم الإنسان غير مزود بالفراء، كما في كثير من المخلوقات. وعليه أن يُنظم درجة حرارته للحفاظ على ذلك «التوازن الضيق» بين «اكتساب» و«فقدان» الحرارة. أي أن على الجسم البشري تنشيط عمليات توليد الحرارة وضبط عمليات تسريبها، للحفاظ المتواصل على درجة «حرارة جوف الجسم» ضمن المعدلات الطبيعية التي تتراوح ما بين 36.5 و37.5 درجة مئوية. وتعمل منطقة دماغية تُسمى “ما تحت المهاد ، مثل ترموستات للجسم، عبر التفاعل طوال الوقت مع الرسائل العصبية التي تأتيها من مستقبلات عصبية حرارية منتشرة في جميع أنحاء الجسم، مهمتها متابعة درجات الحرارة في مناطق الجسم المختلفة. وبناء على ما يتجمع لديها من معلومات، تقوم منطقة «ما تحت المهاد» بإرسال التعليمات اللازمة لإجراء عدد من العمليات الفسيولوجية للحفاظ على درجة حرارة ثابتة لجوف الجسم.

الملابس الملائمة للشعور بالدفء في أجواء الشتاء

متابعة تنبؤات تغيرات الطقس ودرجات الحرارة وبرودة الرياح، وتحديد وقت الخروج من المنزل في الطقس البارد، هو الخطوة الأهم في الوقاية من المعاناة من برد الشتاء. ويقول أطباء مايوكلينك: «قم بالانتباه لتوقعات الطقس، حتى تستطيع الحفاظ على سلامتك وتمتعك بالدفء”.

وبالإضافة إلى الاهتمام بالتغذية الجيدة والحرص على تناول السوائل بكميات كافية وتدفئة حجرات المنزل (خاصة بالليل)، يُمكن تفادي المعاناة من البرودة في أيام الشتاء، وتدفئة الجسم بطريقة مريحة وممكنة، عبر ارتداء ملابس ملائمة، للتدفئة في فصل الشتاء. والأهم عند الوجود في المنزل هو ارتداء «طبقات» من ملابس فضفاضة ودافئة. لأن الهواء الدافئ المحبوس بين طبقات الملابس الفضفاضة تلك، يعمل كعازل من البرد.

وعند الخروج من المنزل، أو ممارسة النشاط البدني خارج المنزل، فإن من الضروري ارتداء ملابس خارجية ملائمة وواقية من البرد والرياح والماء. ولكن عند الخروج لممارسة التمارين الرياضية، تجدر ملاحظة ما ينصح به أطباء مايوكلينك بقولهم: “يُعتبر ارتداء الكثير من الملابس لتشعُر بالدفء خطأً كبيراً عند ممارستكَ التمارين في الطقس البارد. ارتدِ طبقات من الملابس يمكنكَ خلْعها بمجرد أن تبدأ في العرق، ثم إعادة ارتدائها عند الحاجة. ارتدِ أولاً ملابس من طبقة رقيقة مصنوعة من مادة صناعية كالبولي بروبلين والتي تُبعد العرق عن جسمكَ. وتَجنَّب القطن الذي يبقى رطباً مقابل جلدكَ. ارتدِ الطبقة التالية من الملابس المصنوعة من الصوف لتبقى كعازل. ارتدِ فوقها طبقة خارجية من الملابس المضادة للماء والمسامية”.

كما يجدر الاهتمام بتدفئة الرأس واليدين والقدمين، وذلك عبر ارتداء غطاء للرأس، يغطي أذنيك بالكامل. وأفضله هو المصنوع من الصوف الثقيل أو الأقمشة الدافئة الأخرى الواقية من الرياح والماء وذلك لمنع تسرب حرارة الجسم من الرأس والوجه والرقبة، ولمنع إصابة جلد الرأس بإصابات الصقيع.

وقم بارتداء الجوارب المناسبة في مقاسُها، والتي تمتص الرطوبة وتشكل عازلاً، مع ارتداء أحذية تُقاوم تسريب الماء. ويضيف أطباء مايوكلينك: “ارتدِ زوجاً رقيقاً من القفازات المزودة ببطانة مصنوعة من الفتائل (كمادة بولي بروبيلين). ولا تنسَ ارتداء القبعة لحماية رأسكَ، أو عصابة الرأس لحماية أذنيك. وإذا كان الجو بارداً للغاية، ففكِّرْ في ارتداء وشاح صوفي”.

ملابس مناسبة لوقاية الأطفال من البرد

وقاية الأطفال من موجات البرد تتطلب من الأمهات والآباء الاهتمام بتغذيتهم الجيدة وبتدفئتهم عبر ارتداء ملابس سميكة مصنوعة من مواد توفر الدفء داخل المنزل وخارجه، وتغطية الطفل بالبطانيات أو اللحاف بشكل سابغ خلال فترة النوم.

ويفيد أطباء الأطفال في مايوكلينك بأنه للمساعدة في الوقاية من انخفاض الحرارة عندما يكون الأطفال خارج المنزل في فصل الشتاء:

– قم بإلباس الرضع والأطفال الصغار طبقة واحدة إضافية عما قد يرتديه البالغون في نفس الحالات.

– أدخل الأطفال للمنزل إذا بدأوا في الارتجاف، فهذه أول علامة على بدء انخفاض حرارة الجسم.

– اجعل الأطفال يدخلون المنزل مراراً وتكراراً لتدفئة أنفسهم عندما يلعبون في الخارج.

-لا تدع الأطفال ينامون في غرفة باردة.

ق. م