تُشير المصادر التاريخية إلى أنّ “الشعر الملحون” في الجزائر يعود إلى القرن السادس عشر في مستغانم غربي البلد على يد الشاعر والمتصوّف لخضر بن عبد الله بن خلوف، الذي عُرف بقصائد المديح النبوي، إضافةً إلى قصيدته المطوَّلة التي وصف فيها “معركة مزغران” التي وقعت في السادس والعشرين من أوت 1558؛ حين حاول الإسبان غزو مدينة مستغانم، فواجهوا مقاومةً انتهت بدحرهم.
وهكذا، ارتبط هذا النوع من الشعر العامّي، الذي تُطلَق عليه أيضاً تسمية “فنّ الملحون”، بالمقاوَمة؛ ومِن أبرز أعلامه في هذا المجال الشيخ محمّد بلخير الذي رافق الشيخ بوعمامة في ثورته الشعبية (1881 – 1908) ضدّ الاستعمار الفرنسي، والطاهر بن حوّة الذي عاصر الأمير عبد القادر الجزائري (1808 – 1883).
“الشعر الملحون والمقاومة” هو عنوان ملتقى دراسي احتضنته، السبت، “المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية مولاي بلحميسي” في مستغانم، ضمن فعاليات الدورة العاشرة من “المهرجان الوطني للشعر الملحون”.
وتوزّعت أشغال الملتقى بين جلستَين؛ تناولت الأُولى محور “الشعر الملحون: من المقاومة إلى ثورة التحرير”، وتضمّ ثلاث أوراق؛ هي: “دور الشعر الشعبي في مقاومة الاستعمار: بن تربية نموذجاً” للمين سويقات من “جامعة ورقلة”، و”أوراس الثورة في الشعر الملحون الجزائري” لنسيمة حميدة من “مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية” في وهران، و”تاريخ المقاومة في الشعر الملحون” للباحث في التراث الشعري الملحون خالد شهلال ياسين من مستغانم.
أمّا الجلسة الثانية، فتناولت محور “الشعر الملحون وراهن المقاومة”، وتحدّث فيها عاشور سرقمة من “جامعة غرداية” عن “الثورة والمقاومة عند شعراء الملحون في الجنوب الجزائري: من المغازي والفتوحات إلى طوفان الأقصى”، والشاعر توفيق ومان عن “الشعر الشعبي وقضايا التحرُّر”، ونبيلة بلعبدي من “جامعة الشلف” “الملحون والمقاومة: استمرارية تاريخية وعبور نحو الأقصى”.
واحتضنت فعاليات الدورة العاشرة من “المهرجان الوطني للشعر الملحون”، “دار الثقافة ولد عبد الرحمن كاكي”، بمشاركة 51 شاعراً من 18 ولايةً جزائرية.
وشهد الافتتاح تقديم تركيب فنّي بعنوان “جولة حنين”، شارك فيه عددٌ من الشعراء الذين قدّموا قصائد وجّهوا من خلالها تحيّةً للمقاومة الفلسطينية، إضافةً إلى تكريم الشاعر الجزائري الراحل بن ذهيبة البوقيراتي (1942 – 2021).
وغابت الحفلات الفنّية والموسيقية عن الدورة “تضامناً مع الأشقّاء في غزّة”.
ق\ث