الشبح القاتل الذي يعود كل سنة.. المواطن مطالب بالحذر لتفادي اختناقات الغاز

الشبح القاتل الذي يعود كل سنة.. المواطن مطالب بالحذر لتفادي اختناقات الغاز

يتم تسجيل وفاة عشرات الجزائريين سنويا خلال كل فصل شتاء بسبب اختناقات غاز أكسيد الكربون، حيث صرنا نسمع عن أرقام مخيفة لعائلات بأكملها تلقى حتفها، بسبب الإهمال أو الجهل، وهي مآس يرجعها المختصون إلى غياب ثقافة الصيانة والمراقبة الدورية لتوصيلات الغاز، فيما يرى آخرون أن سببها استعمال أجهزة مغشوشة ونقص الرقابة، لكن الأكيد هو أن هذه الحوادث أصبحت مقلقة بشكل يستدعي إيجاد حلول فعالة لتجنب تسجيل المزيد من الضحايا.

 

أسباب مختلفة تصب في خانة واحدة

قال التقني في سونلغاز “كريم. ص” إن أغلب الحالات المميتة بسبب سخانات الغاز، لأن هذه الأخيرة لا تخضع في الغالب لمعايير الأمن والسلامة، والأمر ليس جديدًا علينا، فقد عشنا هذه المأساة السنة الماضية وتوجهت أصابع الاتهام إلى أجهزة التدفئة الصينية الصنع خاصة، لكن تلك الإجراءات كانت “ترقيعية”، وظرفية لتستمر مآسي الوفيات من جراء الاختناق بالغاز في تصاعد مستمر، والمطلوب القيام بإجراءات فعالة لتفادي ما يتوجب تفاديه.

من جهته، قال “لياس. ب” المختص في الترصيص، بأن المواطن الجزائري بدأ يعي في السنوات الأخيرة المخاطر الناجمة عن سوء استعمال وسائل التدفئة والتسخين، وأصبح البعض يستعين بمختصين في المجال قبيل كل فصل شتاء قبل إعادة تشغيل المدفأة، لمعرفة ما إذا كان هناك تسرب لغاز أحادي أكسيد الكاربون، وكذا الحرص على سلامة قنوات التهوية، على أنها موصولة بشكل جيد، مع التأكد دائما من أن مخرج الغاز السام خال من أي شيء يتسبب في غلقه، كما أوضح بأن مهنة الترصيص لا يمكن أن يمتهنها هاوٍ لأنها تتطلب أشخاصا مختصين ملمين بمجال تخصصهم، مشيرا إلى أن سبب اختناق عديد العائلات بالرغم من أن الأجهزة سليمة يرجع إلى الاستعانة بأشخاص يدّعون أنهم رصاصون، ويقومون بوضع شبكات توصيل غير سليمة ولا تخضع للشروط اللازمة.

 

المختصون في علم الاجتماع: الضغوطات اليومية جعلت الجزائري لامباليا بحياته

يرى المختصون في علم الاجتماع، أن المشاكل والضغوطات اليومية التي يعيشها الجزائري، جعلته فردا متهاونا بحياته، وهو ما يفسر حوادث الاختناق بالغاز التي كان يمكن تجنبها بأخذ القليل من الاحتياطات، والتهاون لا يزال ميزة أساسية عند الجزائريين، حتى أن الصحة صارت ضمن آخر اهتمامات الأفراد، فنجد شخصا ظهرت عليه أعراض مرض شديدة، لكنه يرفض الذهاب إلى الطبيب، وهو الأمر الذي ينطبق أيضا على ما نشهده يوميا من حالات الاختناقات داخل المنازل، بسبب انبعاث الغازات المحروقة من أجهزة التدفئة وتسخين المياه.

وهو ما يفسر أيضا توجه الكثير من المواطنين للاستعانة بشخص غير مختص وليس مؤهلا اتخذ من الترصيص كمهنة ثانية، ليقوم بتركيب توصيلات الغاز وأجهزة التدفئة في منازلهم، بعد تسديد أجرة زهيدة، لكنهم يرفضون استقدام الأشخاص المختصين والمعتمدين، لأن ذلك قد يكلفهم أموالا إضافية، رغم أن الأمر يتعلق بسلامتهم.

 

غياب التهوية بالمنازل يسبب الاختناق

أكدت فتيحة صادقي، المكلفة بالإعلام على مستوى مديرية مؤسسة توزيع الكهرباء والغاز ببلدية جسر قسنطينة، في حديث للصحافة أن سبب الانفجارات هو تسرب الغاز واحتباسه لفترة طويلة، وذلك إثر الثقوب التي تنجر عن الأشغال العمومية التي لا يتم الإخبار عنها من قبل العمال، بل يكتفون بردمها متجاهلين خطورة الأمر، كما لا يخفى على أحد أن الغاز يمكن أن يتسرب ويمتد ويخرج من أماكن مختلفة تكون في العديد من الأحيان من المراحيض أو صهاريج المطبخ، مما يسبب الاختناق أو يؤدي إلى الانفجار بمجرد حدوث شرارة.

 

.. وللبناء العشوائي دوره

العشوائية سواء في البناء أو في الربط تصعب من مهمة سونلغاز في معرفة مكان التسرب، وهو ما يؤدي إلى حوادث أخرى قد تأتي في صمت ودون سابق إنذار ألا وهي الاختناقات بغاز ثاني أكسيد الكربون القاتل، حيث يجهل الكثير نقطة مهمة وضرورية للمنازل أثناء فصل الشتاء وهي مساحات التهوية والتي تعتبر ركيزة أساسية لتفادي حدوث الاختناقات ولغياب التوعية، إذ يتعمد الكثير سد جميع منافذ المنزل من نوافذ وأبواب لغرض الحصول على دفئ أكثر ويبقي المدفأة مشتعلة طوال الليل وأخطرها في فترات الذروة للنوم مما قد يضاعف الخطر أكثر باستنشاق الأشخاص للغاز السام القاتل والذي لا ينذر ولا يعطي أية إشارات معينة سوى الشعور بالفتور والنعاس الشديد.

كما أن معظم حالات الاختناق تحدث بسبب الغاز نتيجة اختلالات في التوصيلات الداخلية، وليس نتيجة لاستخدام مدافئ مغشوشة، محذرة بأن أكثر الحالات ناجمة عن تسربات من سخانات الماء التي لا تزال الكثير من العائلات تسيء استعمالها.

وتقول السيدة صادقي إن حوادث الاختناق حدثت في الغالب في العمارات الجديدة، بسبب إدخال تعديلات على الشقق، والقيام بتوصيلات عشوائية دون استشارة مختصين في مجال الترصيص، كما دعت المواطنين إلى الامتناع عن اقتناء المدافئ ذات النوعيات الرديئة وكذا التي لا تتوفر على مدخنة، لأنها تشكل خطرا كبيرا على صحتهم، موضحة بأن هذا النوع يصلح فقط في الأماكن المفتوحة، وعلى كل من يرغب في اقتناء مدفأة، تضيف، التأكد من توفر قناة التهوية أو المدخنة، وكذا من توفرها على شهادة الضمان، بالإضافة إلى الامتناع عن استعمال “الطابونة” في تدفئة المنزل أو حتى في الاستحمام لأنها تشكل خطرا كبيرا لطرحها غازات سامة، وقد تكون لها نتائج وخيمة وكارثية، خاصة إذا تم تمديد أنبوب الغاز المطاطي لمسافة كبيرة تتجاوز الأربع أمتار عن قناة الغاز.

وللتأكد من سلامة جهاز التدفئة، تضيف صادقي، يجب مراقبة لون الشعلة باستمرار، بحيث إذا كان لونها يميل للاحمرار، فإن الجهاز فيه خلل والاحتراق غير كامل، وفي هذه الحالة يجب إخضاعه للصيانة، أما إذا كانت الشعلة زرقاء فالجهاز سليم، كما يجب مراقبة باستمرار الفتحة الموجودة في نهاية أنبوب التهوية خاصة في العمارات، لأن في الكثير من الأحيان يتم وضع فوقها قطع قماش أو أشياء أخرى ما يتسبب في عودة الغاز السام.

وبخصوص جهاز تسخين الماء، حثت على استعمال جهاز تسخين الحمام وليس جهاز تسخين الماء، وذلك لتوفره على قناة طرد الغاز السام، مضيفة بأنه من الواجب وضعه في المطبخ أو الشرفة، بدل الحمام، مختتمة حديثها بدعوة كافة المواطنين إلى أخذ الحيطة والحذر من “القاتل الصامت”، وتهوية المنزل باستمرار مع ترك منافذ للهواء لتجنب الاختناق في حالة تسرب الغاز.

ل. ب