عليكم أيها الشباب المسلم أن تعلموا أولاً أنَّ وُجودكم في الحياة الدُّنيا نعمة من الله تعالى عليكم، تستوجب شكرَ الله عليها، كما قال تعالى في كتابه: ” كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ” البقرة: 29، وقال تعالى: “اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ” الروم: 54. وأنَّ هذا الوجودَ في دار الدنيا ليس الوجود الخالد الباقي، كلاَّ، بل إنَّه وجودٌ مُؤقت وقليل، وأمَّا النعيم الحق، والخلود الدائم الباقي، فهو في الآخرة عند لقاء الله تعالى هنالك؛ حيث يُجازى كلُّ مكلف من الإنس والجن بعمله، ورحمة رَبِّه.
وقد أخبرنا الله تعالى عن هذا كله في كتابه، وعلى لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: ” أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لاَ يَسْتَوُونَ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ ” السجدة: 18 – 22. كما أنَّ أنَّ الشباب فترة وجزء من العمر الذي وهبه الله تعالى لكم، وأنَّكم محاسبون عليه، مجزيون به، مسؤولون عنه أمامَ الله تعالى فيجب عليكم اغتنامُ هذه الدرة الثمينة من أعماركم، وشغلها بطاعة ربكم ونبيكم صلى الله عليه وسلم.
وقد جاء في الحديث: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه: “اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هَرَمِك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك” رواه الحاكم وصححه الألباني.
وعن أبي بَرْزَة رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا تزول قدما عبد يومَ القيامة حتى يُسألَ عن أربع: عن عمره، فيمَ أفناه؟ وعن علمه، ما عمل به؟ وعن ماله، من أين اكتسبه، وفيمَ أنفقه؟ وعن جسمه، فيمَ أبلاه؟” رواه الترمذي.