لو استطعتُ أن تختصر مرحلة الشباب في كلمة؛ فلا شك أن هذه الكلمة ستكون هي: “الكفاح”، والكفاحُ الذي نقصِده هو مواجهة الشدائد وعظائم الأمور بالجِدِّ والعزيمة القوية التي لا تَعرف التَّردد أو اليأس، والسعيُ نحو النجاح؛ للوصول إلى الأهداف المنشودة؛ فلا خير في الشباب إن كانوا يألَفون الكسل والراحة، فما حقَّق العظماءُ من البشر شيئًا بالكسل أو بالأماني فقط، لماذا يكون الكفاحُ في الشباب؟. إنَّ مرحلة الشباب هي القوة الوسطى بين ضعفين: “ضعف الطفولةِ، وضعف الهَرَم”؛ فلذلك كان على الشباب أن يسارعوا لاغتنامها في تحقيق أهدافهم، ومَنْ لم يحقق ما يريد في شبابه، فغالبًا لن يحقِّقه في المراحل المتأخِّرة من عمره؛ الكثير من الناجحين مدينون في نجاحهم إلى أوقات شبابِهم التي بذلوا فيه الأوقات لتحقيق أهدافهم، فمرحلةُ الشباب على الحقيقة هي مرحلةُ العمل. ومما يُعين المرءَ على الكفاح في الحياة، ومواصلة السير بجدية وهمَّة عالية ما يلي:
– تأمُّل سيرة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ففيها من المواقف والأحداث التي تعبِّر عن كفاحِه صلى الله عليه وسلم لتحقيق ما يُرضي اللهَ، وما ينفع الخلقَ.
– الحرصُ على الصُّحبة الصالحة؛ فهي خير معينٍ على الجدِّية والكفاح في الحياة، وهي موردٌ من موارد النَّجاة في الدنيا والآخرة.
– معرفة الشابِّ لقدراته وطموحاته، ونقاط قوَّته ونقاط ضعفه، على نحوٍ واضح ومحدَّد؛ حتى لا يَضيع عمرُه دون أن يستفيد من قدراتِه ونقاط قوَّته، ولم يتخلَّ عن عيوبه ونقاط ضعفه.
– إقبال الشَّاب على كلِّ ما ينفعه باجتهاد وعزمٍ شديد؛ سواءٌ كان ذلك في عمل دنيوي أو أخروي، دون الالتفات إلى كلام المثبِّطين، ولا نقد الفارغين، الذين يصدُّون عن الطريق القويم، ويبغون من الشباب أن يكونوا مثلَهم في الكسل والعجز عن طلب المعالي.
– نريد شاباً في ظل الله، من الذين قال فيهم سيدُنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم: “سبعةٌ يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظلُّه:… شابٌّ نشأ في عبادة الله” رواه البخاري. والصحابة عندما أسلموا كانوا في مرحلة الشباب، ونحن عندما نرى أعمار بعضهم سوف نشعر بالعجب، فعثمانُ بن عفان كان في الرابعة والثلاثين من عمره, وعبدُ الرحمن بنُ عوف كان في الثلاثين، وسعدُ بن أبي وقاص كان في السابعة عشرة من عمره، والزبير بنُ العوام كان في الثانية عشرة من عمره، وطلحةُ بن عبيد الله كان في الثالثة عشرة من عمره. ولا نعجب عندما نرى سيدنا أسامة بن زيدَ بنَ حارثة في الثامنة عشرة من عمره، وقد ولاه النبيُّ صلى الله عليه وسلم على إمرة جيش فيه كبارُ الصحابة.