ثمّة متعة ونحن نكتب ذلك لأننا نتجرّد من ذواتنا ونصبح أحرارا وأخف كريشة؛ وأيًّا كان شكل الكتابة وجنسها فهي تلملّم ما تبعثر منّا وما تعثّرنا به في عوالمنا اللامتناهيّة…
هكذا استهلت المبدعة حسناء بن نويوة كلامها معنا على هامش الحفل الذي أقيم لتكريمها بدار الثقافة لمدينة عين أزال فكان لنا معها هذا الحوار فتابعوه.
من تكون الكاتبة حسناء بن نويوة؟

معكم حسناء بن نويوة ابنة بلدية “عين أزال” ولاية سطيف. مبدعة طموحة وقارئة نهمة لا أكتفي التّلقي والاستزادة من بحر اللغة ودفّات الكتب، امرأة متمردة على الظروف في زمن يقتضي منّا الكثير من الشغف والجنون والتفرّد.
بداياتي الأولى مع الكتابة كانت في المرحلة الثّانوية، فقد كنت أكتب آنذاك رسائل للصديقات. لكنّي توقّفت لسنوات على الكتابة، خاصة بعد مكوثي في البيت وانشغلت فيما بعد بالقراءة المتأنيّة والمكثفة. إلى أن دخلت عالم الفيسبوك وبدأت بنشر نصوصي في صفحتي وفي مختلف المجموعات الأدبيّة الأخرى، ولم أصنّف نفسي كاتبة بصراحة لأنّ الألقاب لا تعنيني في شيء مطلقًا بقدر ما يعنيني أن أقدّم نصًّا يُشبهُ روحي ويقودني إلى التأمّل والمخاطبة الشّفافة، تلك التي تؤسس لحرية أنثوية فكرية ممتدة لا ضفاف لها.
لك أعمال مطبوعة عرفينا بها؟ وهل أنت راضية عنها؟

نعم لي أعمال مطبوعة وأخرى مخطوطة لم يتسن لي نشرها بعد، كتابي الأوّل “هسيس الصّمت الأخير” كان بمثابة بوابة أدخل منها إلى قلب القارئ، الهسيس حمل كلّ هواجسي وهنّاتي ونصوص بداياتي، أما فيما يخص كتابي الثّاني “نايات من رتاج القلب” فهو عبارة عن حوصلة بنكهة الشّعر والنثر والسرد، فهو عبارة عن مقاربات لعديد الكتب التي قرأتها وأثرت فيَّ عميقًا. وقد طوّعت حرفي ونزف مدادي وأسهمت في هذا الكتاب لحدٍّ بعيد في التّعريف ببعض الشّعراء والكتّاب الجزائريين والعرب. وكانت تجربة موفقة، ذلك لأنّ الكتاب لاقى استحسان البعض من قرّاء وباحثين. لكن لن أقول أنّني راضية عما قدّمت لأنّي ما زلت في بداية الطّريق والمبدع الحقيقيّ لا يرضى بالشيء القليل بل يسعى جاهدًا دومًا إلى نتاج أدبيّ يرقى به أكثر من سابقه.

بمن تأثرت في حياتك الأدبية من الكتاب والشعراء؟
حين كنت أدرس تأثرت بنازك الملائكة، فدوى طوقان، وزهور ونيسي وبعدها تنوعت ذائقتي وميولاتي وازداد معدل قراءاتي. لأجد نفسي أسيرة بين كوكبة من رواد الأدب العربي، كجبران خليل جبران، مي زيادة، غسان كنفاني وغادة السّمان..
ما رأيك بصراحة فيما يصدر من أعمال أدبية مؤخرا؟
إنّ ما يصدر مؤخرًا يبشِّر ببروز طاقات إبداعيّة خلاّقة. أيّ بمعنى أن بعض الأعمال المنشورة تؤكد وعي وثقافة تعكس جمالية الحياة لدى أغلبيّة الكتّاب المبتدئين. وذلك راجع لوجودهم الدّائم في قلب المقاومة والرفض والحراك. ويمكن الجزم وبدون أيّة مبالغة بأسماء سيسطع حرفها عاليًا في المنابر العربيّة. فالجزائر ما زالت تنجب الكثير من المواهب التي تستحقّ الدعم والإشادة.
ما سبب عزوف أبناء هذا الجيل عن القراءة؟ وما هي الحلول في نظرك؟
السبب هو كثرة التواجد على مواقع التّواصل الاجتماعي سواء عبر الحواسيب أو الهواتف الذّكية. فكما نعرف أنّها سلاح ذو حدّين. فلا جدال بأن الرقمية قد أسهمت في تدني مستوى العديد من التّلاميذ وإبعادهم عن الكتاب الورقي واستبداله بالالكتروني، إلا من أحسن استغلالها للتّحصيل المعرفي واشتغل على تنمية وعيه وقدراته. وللتقليل من هذه الظاهرة يجب إنشاء جمعيات ونوادي ثقافية متخصصة في القراءة. وتعميم المكتبات المتنقلة. وذلك لتحفيز الأجيال الصاعدة وتحبيبهم على ممارسة المطالعة والاحتفاء بالكتاب في زمن الرقمية والعولمة.
ماذا تنتظرين من الرئيس القادم للجزائر؟
لا أنتظر منه شيئًا عدا أن يخدم الجزائر بكل مصداقية ويحقّق التوازن بين طبقات المجتمع. فلا للبيروقراطية في جزائر الحبّ والكرامة.
ما هي أمنيتك؟
أمنيتي الأولى أن أسعى إلى تفعيل الحركة الثقافية بمدينتي. أما أمنيتي الثّانية فأنا أرجو أن تتوقّف الحروب في العالم. وأدعو من كلّ قلبي أن يعمّ السّلام وتتآخى الشّعوب وتتكافل كلّ الأطياف لأجل حياة كريمة.
ما هي مشاريعك المستقبلية؟
أعكف حاليًا على إصدار مجموعة رسائل وقصاصات أخرى، إضافة إلى مجموعة قصصيّة ويوميات، وجزء ثانٍ من القراءات والمقاربات التي أضافت لرصيدي الفكري والأدبي الكثير من المتعة في التّلقي والقراءة. وخلقت لي عوالمًا استثنائية أضاءت وجداني وبوحيَ الرّوحيّ فرحًا ودهشة لا تنتهي.
ماهي نصيحتك للكتاب المبتدئين؟
كلّنا مبتدئون في الحياة. ولكلّ إنسان أسلوبه الخاصّ في ممارسة حياته والتأقلم معها، وترك بصمته فيها بالشكل الذي يمليه عليه قلبه. سواء كان ذلك ظاهرًا أم خفيًّا. ومن هذا الجانب أنا أطلب من كلّ المبدعين لا بل آمرهم بأن يقرأوا ويقرأوا ويقرأوا كثيرًا كي لا يُهانوا، وأحثهم بأن لا يقزّموا إبداعهم أيًّا كان جنسه، وأن يصدّقوا أحلامهم ويعيشوها قدر المستطاع؛ فوحدها الأحلام حقيقتنا التي لن ينكرها أحد.
حاورها: حركاتي لعمامرة