تعاني بعض الحوامل من اضطرابات النوم المستمرة، بسبب الهرمونات، والضغط النفسي، وتغير شكل الجسم، فهي جميعا عوامل تجعل النوم العميق صعبًا بالنسبة للحامل. ولكن، هل لهذا السهر تأثير مباشر على تكوّن دماغ الطفل داخل الرحم؟ وللإجابة عن هذا السؤال، حلّلت دراسات علمية العلاقة بين أرق الأم ونمو الجهاز العصبي للجنين، وهو ما سنذكره فيما يلي:
– النوم خلال الحمل
يؤدّي النوم في فترة الحمل دورًا حاسمًا في دعم الصحة الجسدية والعصبية لكلٍّ من الأم والجنين. في الثلث الأول، يحتاج جسمكِ إلى وقتٍ أكبر لإعادة التوازن الهرموني وتجديد الطاقة. وعند غياب النوم الليلي المنتظم، يختلّ إفراز الميلاتونين، وهو الهرمون الذي يساعد الجنين على ضبط إيقاعه الحيوي.
أهميّة النوم خلال الحمل
بحسب دراسة نُشرت في Journal of Neuroscience، يؤثر اضطراب النوم على تطوّر القشرة الجبهية لدى الأجنّة، وهي المنطقة المسؤولة عن التركيز، واتخاذ القرار، والذاكرة لاحقًا. لذلك، لا يُمكن اعتبار السهر خيارًا عاديًا، بل هو عامل خطر يُهدّد سلامة دماغ الطفل منذ الأشهر الأولى.
هل السهر الطويل أثناء الحمل يؤثر على نمو دماغ الجنين؟
في دراسة أجراها فريق من الباحثين في جامعة كاليفورنيا، تمّ تتبّع حالات 150 سيدة حامل يعانين من أرق مزمن. وُجِدَ أنّ الأطفال الذين وُلدوا لأمهاتٍ تسهرن يوميًا لأكثر من 5 ساعات بعد منتصف الليل، أظهروا علامات تأخر خفيف في الاستجابات العصبية خلال الأشهر الستة الأولى.
أضرار السهر خلال الحمل على الجنين
كما بيّنت دراسة أخرى أن حرمان الجنين من تنظيم النوم داخل الرحم يؤثّر على تشكّل نقاط التشابك العصبي، وهي البنية الأساسية لنمو المهارات المعرفية لاحقًا، وهذا يعني أن الطفل المولود قد يواجه صعوبات في التركيز، أو في اكتساب اللغة، أو حتى في تنظيم الانفعالات.
وختاما نجد أن الجواب الواضح هو أن السهر يؤثر سلبيًا على نمو دماغ الجنين خاصّةً إذا كان مزمنًا، ولا يرافقه تعويض كافٍ في النهار أو عناية غذائية متوازنة.
خطوات لتفادي تأثير السهر على دماغ الجنين
أولًا، من المهم جدًّا تنظيم روتين نوم واضح، حتى إن لم تنامي فورًا. حاولي الالتزام بساعة نوم ثابتة.
ثانيًا، ابتعدي عن استخدام الهاتف أو الشاشات قبل النوم بساعة على الأقلّ، لأن الضوء الأزرق يثبّط إفراز الميلاتونين.
نصائح للتخلّص من أضرار سهر الحامل على الجنين
ثالثًا، جرّبي تمارين الاسترخاء مثل التنفّس العميق أو اليوغا المخصصة للحامل. هذه التمارين تساهم في تهدئة الجهاز العصبي.
رابعًا، راقبي نوعية غذائك، لأن الكافيين أو الأطعمة الغنية بالسكّر في المساء قد تزيد الأرق.
وأخيرًا، من الضروري أن تستشيري طبيبتكِ المختصّة إذا لاحظتِ أن السهر بات خارج سيطرتكِ، خاصّةً إن استمرّ لعدّة ليالٍ متتالية من دون سبب واضح. فقد يكون السبب الكامن وراء ذلك اضطرابًا هرمونيًا مثل اضطرابات الغدة الدرقية، أو حالة نفسية غير مشخّصة كالاكتئاب أو القلق، وهي أمور شائعة خلال الحمل ولكنها غالبًا ما تُهمَل. تساعد المتابعة الطبية الدقيقة في تشخيص المشكلة باكرًا، وتقديم العلاج المناسب سواء عبر دعم نفسي، أو تعديل نمط الحياة، أو وصف مكملات غذائية أو أدوية آمنة للحامل عند الحاجة.
إذًا، التصرّف في الوقت المناسب لا يحميكِ فقط من الإرهاق المزمن، بل يحمي أيضًا دماغ جنينكِ من التعرض لمخاطر تأخر النمو أو الخلل في تكوين شبكاته العصبية الدقيقة والتي تتكوّن بسرعة عالية خلال الأسابيع الأولى من الحمل.