السنة الغائبة

السنة الغائبة

لأهمية إصلاح ذات البين نزلت أوامر الله عز وجل تؤكد أهميته، كما في قوله تعالى: ” لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ” ، ذلك لأن قوة المسلمين في تماسكهم واتحادهم وفيما بينهم من حب وائتلاف، ولهذا أيضًا أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته بصلاح ذات البين فهو من أفضل الأعمال وأعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى مولاه؛ فهو أي إصلاح ذات البين أفضل من درجة الصيام والصلاة؛ لأن إصلاح ذات البين تتعدى فائدته وثمرته إلى المجتمع المسلم فيسود بين أرجائه المودة والإخاء والتعاون، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إياكم وسوء ذات البين فإنها الحالقة ” رواه الترمذي؛ ومعنى “سوء ذات البين” إنما يعني به العداوة والبغضاء، وقوله: “الحالقة” يقول: أنها تحلق الدين، ومما سبق يتبين أهمية صلاح ذات البين وعلاقته بالدين؛ فإن فساد ذات البين يؤدي إلى ضياع الدين، وإن إصلاح ذات البين فيه قوام الدين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين لنا الطريق إلى صلاح ذات البين، وهو فيما يلي:

– اجتناب الحسد والبغضاء والتحذير من أضرارهما وهي من الأمراض القلبية التي لابد من علاجها ومقاومتها واجتثاث جذورها.

– إشاعة الحب بين المسلمين، وتقويه الرابطة الإيمانية والسعي إلى ذلك بإفشاء السلام بين المسلمين، وحسن الظن فيما بينهم.

– إزالة العداوات بين المسلمين أولًا بأول والعمل على إخماد نار الفتن والخلافات بأنواعها بين المسلمين.

ومن هنا فقد تبين أن إصلاح ذات البين من أخطر الأمور في حياة الأمة وصيانة كيانها وحفظ قوتها وأن ترك إصلاح ذات البين يؤدي إلى فساد كبير وشر مستطير؛ وهو ضعف الأمة وذهاب ريحها وانكسار شوكتها فتكون فريسة سهلة لأعدائها المتربصين بها من كل ناحية؛ ولهذا كان في مقدمة أهداف الدعوة ومناهجها هو إصلاح ذات البين.

 

الشيخ حمدان جعدي