كانت الجدات في القديم تعتبرن، أن الطفل الذي يولد سمينا، هو مولود يتمتع بصحة جيدة، ولا يعاني من أي مشاكل صحية، غير أن هذا الطفل، وبمجرد بلوغه سنا يستطيع التواصل فيه مع الآخرين، بما في ذلك فهمهم واستيعاب ملاحظاتهم، تصبح هذه الزيادة في الوزن، أو السمنة القليلة، تشكل عائقا كبيرا أمامه، قد تصل أحيانا، إلى إصابته بعقد نفسية، تساعد كثيرا على عزله عن أفراد المجتمع، وتجعله حبيس تفكيره الدائم في مشكله هذا.
والخطير في الأمر أنه يجعل تفكيره هذا محصورا بينه و بين نفسه، فيصبح شغله الشاغل ليلا نهارا، خاصة إذا لم تتفطن الأم لذلك، ويساهم ذلك كثيرا في جعله داخل حلقة مفرغة وحجزه في قوقعة التفكير السلبي في نفسه.
وما تلبث نسبة الأطفال المصنفين في فئة البدناء، إلا وترتفع، بمعدلات كبيرة، في البلدان النامية والمتقدمة علي حد سواء، فحسب تقرير فرقة العمل الدولية للسمنة، في جميع أنحاء العالم يوجد طفل من كل 10 أطفال وزنه زائد عن الطبيعي، أي ما يعادل 155 مليون طفل، من بينهم 30-45 مليونا يصنفون بأنهم بدناء. وتعد السمنة من المشاكل الصحية الرئيسية في الوقت الراهن، حيث يشير الخبراء إلى أن هنالك وباء عالميا للسمنة، وازداد عدد الأطفال الذين يعانون من السمنة.
أخصائية التغذية: السمنة عند الأطفال هي اختلال التوازن بين كمية الأغذية المتناولة والنشاط البدني
الوزن الزائد والسمنة هما نتيجة لاختلال التوازن بين كمية الأغذية المتناولة والنشاط البدني، كما توضح أخصائية التغذية “نورة بوسوفي”، التي أخبرتنا بأن الأطفال والمراهقين يختلفون عن الكبار لأنهم بحاجة إلى النمو، والنمو لا يمكن أن يتحقق إلا إذا كانت كمية الطاقة المتناولة (الطعام والشراب) تفوق الطاقة المستهلكة، حيث يخزن الجسم تلك الطاقة الزائدة في أنسجة جديدة تتكون من الدهون، وتعمل هذه بمثابة طاقة احتياطية، يمكن إعادة استخدامها عند حاجة الجسم إليها.
وعندما يكون استهلاك الطاقة الاحتياطية قليلا، يبدأ جسم الطفل تدريجيا في مراكمة الدهون التي يمكن أن تؤدي إلى زيادة الوزن أو السمنة حسب كمية الدهون المخزونة، وتنمو خلايا الدهن فقط في مرحلة الطفولة، أما بعد البلوغ لا يمكنها أن تنمو ولكنها تتمدد أو تنكمش حسب استيعاب الدهون داخل أجسامنا، وعليه فإن الطفل البدين على الأرجح أن يكون بدينا عند الكبر إذا لم يأخذ حذره.
الأم…. الضحية الثانية لسمنة طفلها
كثيرات هن الأمهات، اللواتي يعانين الأمرين نتيجة معاناة أطفالهن من السمنة، ومواجهتهم يوميا، لانتقادات جارحة من قبل الغير، خاصة بالنسبة للأطفال المتمدرسين، ومن بينهن السيدة (ليندة) 36 سنة، التي قالت بأن ابنتها (ياسمين) ذات الست سنوات، أصبحت ترفض الذهاب إلى المدرسة بسبب الانتقادات التي تتلقاها يوميا من قبل زملائها في المدرسة، لأنها تعاني من مرض السكري، ما جعل وزنها يزيد بعض الشيء عن زميلاتها الأخريات، وبهذا أصبحت محل الملاحظات التي تزعجها كثيرا، ما جعل والدتها تقف حائرة أمام هذا المشكل العويص لابنتها دون أن تجد له حلا.
من جهتها السيدة (نادية) 40 سنة، أخبرتنا بأن لها ابنا (أنيس) يبلغ حاليا 18 سنة، عندما كان يدرس في المتوسطة، أصيب بعقدة نفسية جراء الكنيات الكثيرة التي كان يتلقاها من قبل زملائه هناك بسبب بدانته، جعلته يترك المدرسة في سن جد مبكرة، حيث لم تستطع السيدة (نادية) فعل أي شيء له، وتفطنها للسبب الحقيقي وراء رفضه مواصلة الدراسة جاء متأخرا جدا.
الأخصائيون النفسانيون يؤكدون:”قد تؤثر بدانة الطفل على بناء شخصيته”
أكدت الأخصائية النفسانية خديجة حمانة، أن مشكل السمنة عند الأطفال اختلف عما كان في الماضي، إذ أن طفل 2022 أصبح يهتم كثيرا بنظرة الآخرين، ومن بينها الإيماءات والإشارات بالأصابع وغيرها، خاصة أن فترة التنشئة الاجتماعية للطفل أصبحت في سن جد مبكرة. في السابق كان احتكاك الطفل بالعالم الخارجي يبدأ من المدرسة، في سن 6 سنوات، واليوم أصبح يحتك بأكبر عدد من الأشخاص ويلفت انتباههم، وبما أن الطفل يخزن في ذهنه كل الكلمات السلبية الصادرة من الآخرين ويكون بها الكثير من العقد، فينقص تقديره لذاته، وثقته في نفسه وردة فعله تجاه الآخرين المنتقدين له تصبح إما عدوانية أو الانطواء والعزلة.
على الأم جعل نفسها قدوة في تغذية طفلها لتجنبه السمنة
ينصح المختصون الأمهات باعتبارهن تستطعن التحكم في التغذية السليمة لأطفالهن، بوضع نظام غذائي متوازن، وجعل أنفسهن قدوة لأطفالهن، بتحسين عادات أكلهن، وكذا تشجيعهم على ممارسة الأنشطة الرياضية والتقليل من مقدار الوقت الذي يقضيه الطفل على شاشة التلفزيون أو الكمبيوتر.
لمياء. ب