السلام.. مفهوم شامل ومتعدد

السلام.. مفهوم شامل ومتعدد

يُعد السلام في الإسلام مفهومًا جوهريًّا وعميقًا، يتجاوز مجرد غياب الحرب والصراع إلى حالة شاملة من السكينة والوئام والتوازن في جميع مناحي الحياة، فهو ليس مجرد حالة مؤقَّتة، بل هو هدفٌ سامٍ يسعى إليه المسلمون على الصعيدين الفردي والجماعي، ويمتد أثرُه إلى العلاقات الشخصية والاجتماعية والسياسية والدولية. ويشكِّل السلام في الإسلام ركيزة أساسية من ركائز الدين؛ حيث يعتبر تحقيقًا لأمر الله تعالى، وسبيلًا للسعادة والنجاح في الدنيا والآخرة. وتتجلى أهمية السلام في الإسلام في العديد من جوانبه:

أولًا: السلام بوصفه هدفًا إلهيًّا وأساسيًّا للإيمان: يؤكد القرآن الكريم والسنة النبوية أهميةَ السلام وضرورة السعي لتحقيقه، فالله تعالى وصف نفسه بـ”السلام”، وهو مصدر السلام الحقيقي؛ يقول تعالى: ” هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ” الحشر: 23. وهذا الوصف الإلهي للسلام يُشير إلى أن السلام هو من صفات الله تعالى، وأن سعادة الإنسان تكمن في تقربه من هذا المصدر الأصلي للسلام.

ثانيًا: السلام في العلاقات الشخصية والاجتماعية: يؤكد الإسلام أهمية بناء علاقات اجتماعية سليمة قائمة على الاحترام المتبادل والتسامح والتعاون، فقد حث الدين على إقامة روابط قوية بين أفراد الأسرة والمجتمع، والتسامح مع الاختلافات، وإصلاح ذات البين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يؤمن أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يُحب لنفسه”، وهذا الحديث يبيِّن أهمية الأخوَّة والتعاطف في بناء مجتمع سلمي.

ثالثًا: السلام في العلاقات السياسية والدولية: يشجِّع الإسلام على بناء علاقات دولية سلمية قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون، والابتعاد عن العدوان والظلم، فقد حث الدين على إقامة صُلح شامل بين الدول، ويحرِّم الاعتداء على الأبرياء وقتْلهم، ويؤكِّد الإسلام أهميةَ العدل والإنصاف في العلاقات الدولية، والحفاظ على مصالح الشعوب. كما يشدِّد الإسلام على ضرورة حل الخلافات الدولية بالطرق السلمية؛ كالحوار والمفاوضات والتحكيم، والابتعاد عن استخدام القوة والحرب إلا في حالة الدفاع عن النفس.

رابعًا: السلام الداخلي السكينة”: لا يقتصر مفهومُ السلام في الإسلام على العلاقات الخارجية، بل يشمل أيضًا السلام الداخلي، وهو ما يُعرف بالسكينة، فهو حالة من الهدوء النفسي والاطمئنان القلبي، نتيجة للتوازن بين الروح والجسد، وبين الإنسان وربه، ويتحقق هذا السلام الداخلي من خلال التقرب إلى الله تعالى، وأداء العبادات، وتطبيق تعاليم الدين في الحياة اليومية. كما يُسهم السلام الداخلي في بناء شخصية متوازنة وقوية، قادرة على مواجهة تحديات الحياة بصبرٍ وحكمة. وفي الختام يُعد السلام في الإسلام مفهومًا شاملًا ومتعددَ الأبعاد، يتجاوز مجردَ غياب الحرب والصراع إلى حالة من السكينة والوئام والتوازن في جميع مناحي الحياة، ويُعد السلام ركيزة أساسية من ركائز الدين، وهدفًا ساميًا يسعى إليه المسلمون على كافة الأصعدة، وتحقيق هذا السلام يتطلب من كلِّ فردٍ أن يُسهم في بناء مجتمع سلمي قائم على العدل والإنصاف والمحبة والتعاون، فذلك هو سبيل السعادة في الدنيا والآخرة.

من موقع الالوكة الإسلامي