السعادة لمن استقام على العبادة

السعادة لمن استقام على العبادة

 

قال تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ” الأنفال: 24. أي: لما فيه حياتكم وسعادتكم الحقيقية، ولا يكون ذلك إلا بالاستجابة لأمر الله ورسوله بل من أعرض عن ذلك فليس بحي؛ بل هو ميت وإن لبس الثياب، وركب السيارات، ومشى على الأرض!. إنها دعوة إلى عقيدة تحيي النفوس! قال تعالى ” أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ ” الأنعام: 122 أي: بالقرآن والسنة والطاعة ونور الإيمان، ثم يقول سبحانه وتعالى ” وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ” الأنعام: 122. فهذه الروح لا بد لها من غذاء، وغذاؤها القرآن، ولذا سماه الله روحًا، قال تعالى ” وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ” الشورى: 52.

ولا بد لها من نور تهتدي به وتسعد وتسمو، ولهذا وصفه الله بقوله ” نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ” المائدة: 15. ويقول تعالى ” فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ” طه: 123. قال ابن عباس رضي الله عنهما: تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل به أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، وقال تعالى ” فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ” الأنعام: 125. فالمستقيم منشرح الصدر مهما كان فقره، ومهما قلَّت معيشته وموارده، فسعادته في قلبه السليم، وصدره المنشرح، وهذا يعدل الدنيا كلها بل أكثر؛ ولهذا يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم عن المؤمن: “من أمسى آمنًا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها” رواه الترمذي.

وهذه القناعة لا تكون إلا عند صاحب الإيمان المستقيم على شرع الرحمن؛ بخلاف غيره صاحب الجشع والطمع، ولهذا أهل الاستقامة يعيشون في نعمة عظيمة وسعادة جليلة يعبر أحدهم عنها بقوله: “نحن في نعمة لو علم بها الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف” ويقول الآخر: “لئن كان أهل الجنة في مثل ما نحن فيه، إنهم لفي خير عظيم” ابن القيم رحمه الله. فمن استقام على طاعة الله حفظه الله في الدنيا والآخرة، وحفظ أهله وذريته وماله، كما قال صلى الله عليه وسلم: “احفظ الله يحفظك” رواه الترمذي. احفظ الله بالتزام شرعه وأوامره والاستقامة على دينه، يحفظك في الدنيا والآخرة ويحفظ أهلك وذريتك ومالك؛ قال تعالى ” إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا ” الحج: 38.