تعالت في المدة الأخيرة الأصوات المطالبة بتنظيم حركة مرور في مواكب الأعراس التي حولت هذه الأخيرة في الجزائر خلال السنوات الاخيرة إلى مصدر قلق وإزعاج شديدين للناس بعدما عمد بعض الشباب إلى جعل
إحضار العروس إلى مناسبة شبيهة بمظاهرات وطنية، بالإضافة إلى سلوكات خطيرة حولت هذه المواكب إلى كابوس حقيقي لدى الكثيرين بسبب الإزعاج الذي تحدثه وكذا الحوادث المترتبة عن ذلك والتي تحولت على إثرها العديد من الأفراح إلى مآتم بسبب المناورات التي يقوم بها السائقون، متجاهلين تلك العواقب الوخيمة .
مواكب الأعراس تهدد أفراح الجزائريين وأرواح مستعملي الطريق
كثيرا ما نقرأ أو نسمع عن حوادث مرورية أليمة وقعت خلال مرور موكب عرس راحت ضحيته العروس أو أحد أفراد العائلة، فتجد الواحد منا يتحسر على مثل هذه التصرفات لشباب طائش ومتهور لا يعرف قيمة الحياة وهذا بعد أن يفقد السيطرة على سيارته بسبب السرعة المفرطة والتجاوزات الخطيرة التي يقوم بها السائقون الذين أصبحوا هم الاخرون يستعرضون ويتباهون ناسين خطورة الوضع، إضافة إلى تصرفات بعض الشباب الطائش الذين يخرجون رؤوسهم وأجسامهم من نوافذ السيارات ليعبروا عن فرحتهم وسط السرعة الجنونية التي تنتهي في الأخير وفي غالب الأحيان بتحول العرس إلى مأتم حزين .
ما بات يميز مواكب الأعراس هو مرافقة بعض الدراجات النارية لتلك المواكب وأصبح حضورها من باب الضرورة ما أدى إلى المغامرة بالأرواح وإعاقة حركة المرور تبعا للطريقة الجنونية والمتهورة التي يقوم بها بعض الشبان في قيادة تلك الدراجات بدون الإلتزام حتى بالوسائل الضرورية اللازمة في قيادة مثل تلك المركبات، بحيث نجدهم يتمايلون يمينا وشمالا لخلق أجواء مميزة إلا أنها عادة ما تنقلب إلى حزن وندامة وتنقلب تلك الأفراح إلى مآتم نتيجة القيادة المتهورة وانعدام مسؤولة البعض.
تصرفات انتحارية في موكب العرس
أصبحت جميع الأفراح الجزائرية سواء كانت زواجا أو طهارة أو نجاحا في الامتحانات الرسمية لا تخلو من مواكب السيارات غير المنتهية، وما أجمل تلك اللحظات التي يكون فيها أهل العروس والعريس أو الطالب الناجح فرحين بهذه المناسبة السعيدة ، والأجمل أكثر أن يحترم كل موكب السرعة اللازمة وأن يتجنب التجاوزات الخطيرة والتباهي بالسرعة الفائقة، ولكن للأسف العكس يحدث خلال أيامنا هذه، إذ أصبح الشباب يستغلون الفرصة للتباهي بسياراتهم والتسابق وذلك للفت انتباه الفتيات والمارة، ناهيك عن بعض العادات السيئة الموجودة في بعض الأعراس حيث يقومون بإطلاق الطلقات النارية التي يصوبونها بطريقة عشوائية غير مبالين بالنتائج الوخيمة التي يسببونها في إصابة أحد المارة.
في هذا الصدد قال السيد (ع.م) إنه كثيرا ما صافته خلال قيادته للسيارة تلك السلوكات الممارسة من طرف البعض على مستوى الطرقات في مواكب الأعراس وما يميزها هي تلك القيادة المتهورة سواء للدراجات النارية أو حتى للسيارات التي تتحول نوافذ أبوابها إلى مقاعد للجلوس، أما الدراجات النارية فحدث ولا حرج بحيث تستعصى القيادة العادية بمحاذاة هؤلاء الشبان ووجب التزام أقصى درجات الحيطة والحذر لتفادي حوادث المرور، ورأى أنها أصبحت تشبه بكثير المواكب الرياضية التي تنطلق لمناصرة فريق ما، ولا يخفي للجميع تداعياتها السلبية وعواقبها الوخيمة التي حدثت في كم من مرة.
أما السيد (ن. ز) فقالت إن مواكب اليوم تختلف كثيرا عن مواكب الأمس التي كانت بطريقة هادئة ومتزينة ولا يظهر للمرء أنها مواكب أعراس إلا بسماع إيقاع الزرناجية مما جعلها تسلم من الحوادث المميتة التي نسمع بها هنا وهناك نتيجة الطريقة المتهورة والقيادة الجنونية لمواكب اليوم، والتي يسببها خاصة الشبان الذين يكون هدفهم خلق أجواء مميزة إلا أنهم يدفعون حياتهم وحياة غيرهم ثمنا لذلك، وأضافت أنه لا يروقها أبدا ما لحق مواكب اليوم من ممارسات وسلوكات، لاسيما إلحاقهما بالدراجات النارية ومخاطر قيادتها الجنوبية من طرف بعض الشبان.
مواكب فوضوية وغير منتهية تعرقل حركة المرور
من بين العادات السيئة والمؤلمة التي تُشاهد في مواكب الأعراس في الآونة الأخيرة كثرة السيارات التابعة لموكب العروس والتي تصل في بعض الأعراس إلى أكثر من 50 سيارة ما يسبب ازدحاما مروريا كبيرا وإغلاق أهم الطرقات الرئيسية، هذا ما يؤدى بالمواطنين في غالب الأحيان إلى تجنب مواكب الأعراس غير المنتهية، وبالرغم من التدخل المتواصل لرجال الشرطة من اجل فسح الطريق أمام المارة والسيارات القادمة من الجهات الأخرى خاصة عند مفترقات الطرق إلا أنه يصعب فتحها وتنظيمها بسبب عدم احترام القوانين من طرف بعض الشباب الطائش الذي يستغل موكب العروس لإظهار قدراته العالية في السياقة ولجلب الانتباه، وهذا ما يسبب في كثير من الأحيان مناوشات وملاسنات بين المشاركين في موكب العرس وبين المواطنين، وقد يصل في بعض الأحيان إلى مشادات خطيرة لا تحمد عقباها.
حوادث ممِيتة بسبب السرعة المفرطة والتجاوزات الخطيرة
سجل في عديد مواكب الأعراس حوادث مرور بين السيارات ذاتها المشاركة في الموكب وهذا اثر السرعة المفرطة وعدم احترام قوانين المرور، هذا ما يخلف ضحايا وإصابات خطيرة في وسط المشاركين، وفي بعض الأحيان بين أفراد أهل العريس والعروس، خاصة منها المواكب التي تتنقل لمسافات بعيدة.
وعلى سبيل ما حدث مؤخرا عند التقاء ثلاثة مواكب أعراس في وقت واحد، في أحد مفترقات الطرق ما أدى إلى إغلاق الاتجاهات الأربعة لأكثر من ساعتين، وبالرغم من تدخل أعوان شرطة المرور لتنظيم الحركة، إلا أن الكل رفض احترام القانون والسماح لأي موكب بالسير حتى يفسح الطريق للآخرين، وقد اشتكى الكثير من المواطنين من هذه التصرفات ويرون أن مواكب الأعراس أصبحت تشكل خطرا على المواطنين، والكل يخاف عند مرورها بسبب الفوضى التي أصبحت تميزها كالمشي على الأقدام أمام السيارات، وإغلاق الطريق أمام القادمين في الاتجاه المعاكس، والاعتداء بالسب والشتم والملاسنات لمن يعترض الموكب وغيرها من التصرفات .
ردع وصرامة القانون
يتفق العديد من المواطنين الجزائريين على أن ظاهرة حوادث الطرقات التي تحدث في مواكب الأعراس باتت مصدر إزعاج حقيقي لأصحاب السيارات والمواطنين الذين تعودوا على هذا المشهد، مطالبين السلطات المعنية بأن تمنع مثل هذه التصرفات لما تسببه من أذى للآخرين، خاصة وأنها تحدث في طريق عمومي يرتاده جميع الناس.
يقول المهدي صاحب سيارة أجرة في الجزائر العاصمة “لا بد من الردع واتخاذ تدابير صارمة في حق كل من تسول له نفسه التهور أثناء القيادة التي أضحت تهدد أمن المواطنين في مختلف الأفراح والمناسبات، وما يرافق ذلك من تصرفات طائشة خاصة من الشباب ظنا منهم أنها تعبر عن ابتهاج وفرح، لينتهي بهم المطاف إلى المستشفيات التي أضحت مكتظة بضحايا هذه الحوادث المؤلمة”.
ويضيف “يجب ألا يكون هناك تساهل في التعامل مع مختلف التجاوزات التي تحدث في مواكب الأعراس، بعد أن ألفنا مظاهر معينة كجلوس البعض على عتبة نوافذ السيارات، ما يعرضهم للسقوط والهلاك، كما باتت الفوضى في حركة المرور التي تشهدها مختلف طرقاتنا تنغص فرحة الكثير من العائلات أثناء جلب العروس من بيت أهلها باتجاه قاعة الحفلات أو بيت زوجها، حيث يتجاهل بعض الشباب الحوادث العديدة التي يمكن أن يتعرضوا لها بسبب السرعة المفرطة وتعطيل حركة المرور”.
رئيس مصلحة الاتصال بقيادة الأمن الجزائري، يؤكد أن مصالح أمن الطرقات تطبق التعليمات الخاصة بأمن وسلامة حركة المرور بصرامة، نافيا أن تتساهل في التعامل مع مختلف التجاوزات التي تحدث في مواكب الأفراح والأعراس.
يقول المقدم عبدالحميد كرود إن “سائقي السيارات في المواكب الاحتفالية تجدهم منضبطين أثناء مرورهم بالحواجز الأمنية، لكن للأسف، سرعان ما يعودون إلى ارتكاب تلك التجاوزات مباشرة بعد اجتيازها”