ما يزال المختصون يطالبون بتنقية السدود طالما تشكو الجفاف لحمايتها من الكوارث أولا لكونها تشكو ارتفاعا مستمرا للطمي لدرجة تهديدها بغلق فوهة التفريغ الرئيسية وأيضا لتفادي تكاليف شطف الأتربة في حالة امتلائها بالماء، باعتبار أن الاضطرار الى استغلال معدات عائمة وفق تكنولوجية متقدمة لم تبلغها الجزائر بعد مع الاستعانة بالبواخر والمضخات وكذا قنوات كبيرة قادرة على استيعاب كميات كبيرة من الوحل ضمن عمق يصل إلى عشرات الأمتار قد يكلفها نفس ميزانية تشييد سد جديد، والوقت مثالي للقيام بالخطوة قبل حلول فصل تساقط الأمطار، معتبرين أن الاهتداء الى مخطط تحلية مياه البحر وقدرة المشروع على القضاء على الأزمة بنسبة تفوق الـ 100 بالمئة لا يعني تجاهل الخطر الذي يترتب عن إهمال هذه السدود، مع عدم الاكتفاء بسد الحميز فقط في محيط العاصمة وثلاثة أخرى على المستوى الوطني لتنقيتها بالنظر إلى كبرى السدود التي تبقى بحاجة ماسة إلى إعادة الاعتبار حتى ترتفع قدرة سعتها وتضمن وفرة المياه لاستغلالها في ميادين أخرى غير الشرب .
لم يتوقف المختصون عن المطالبة بتنقية السدود رغم ترحيبهم بالمشاريع الضخمة التي اعتمدتها وزارة الموارد المائية والأمن المائي المتعلقة بتحلية مياه البحر والتي من شأنها انهاء سيناريو العطش سيما في العاصمة وضواحيها باعتبار أن سكان الشمال يعتمدون كل الاعتماد على المياه السطحية واضطروا إلى استنزاف المياه الجوفية، وهي ثروة لا تكاد توفر حاجيات السكان من الشرب، فما بالك بالميدان الفلاحي والصناعي وغيرها، ما خلق أزمة حقيقية أججت مؤخرا غضب بعض الأحياء التي حرمت من المياه وعمل سكانها على غلق الطرقات احتجاجا على الوضع، وطالبوا باستغلال مشكلة الجفاف لإزالة الأتربة عن هذه السدود سيما وأن الأمر لن يتطلب أكثر من شاحنات وجرافات بشرط تحديد نوعية الوحل حتى لا تتسبب في كارثة، محذرين من تضييع هذه الفرصة النادرة كون بعض سدود الجزائر لم تحظ بالشطف إلا أربع مرات فقط منذ الاستقلال وأن التأخر المتواصل يعني ارتفاع الطمي ليغلق صمام التفريغ ما يهدد بارتفاع منسوب المياه في الفصول الماطرة وصعوبة تخفيف ضغطها، واستعجلوا تحرك السلطات قبل حلول موسم الامطار الذي لم يعد يفصلنا عنه أكثر من شهر ونصف، مشددين على ضرورة استغلال الجفاف لتخليصها من كل العوائق التي تجعلها تستوعب ربع طاقتها فقط، وأن الاكتفاء بسد الحميز الصغير فقط في العاصمة مثلا لا يستجيب لحرصهم القائم على تنقية كل السدود حتى تؤدي دورها في تزويد السكان بالمياه وضمان نوعيتها الحسنة بالتركيز على تلك التي لم تخضع حتى لمجرد الصيانة الدورية، الأمر الذي أدى الى نقص في المياه المخزنة فيها، فما كان يكفي لسنتين في السد النظيف كامل الاستيعاب، أصبح لا يكفي لسنة في السد الممتلئ بالطمي والأوساخ، وهو أمر يثير مخاوف الكثيرين.
تجدر الإشارة إلى أن وزير الموارد المائية والأمن المائي بمعية وزير الطاقة والمناجم أمضيا على اتفاقية لإنجاز 03 محطات جديدة لتحلية مياه البحر في كل من الباخرة المحطمة بقدرة انتاج 10.000 متر مكعب/ يوم ومحطة المرسى بقدرة انتاج 60.000 متر مكعب/يوم، بولاية الجزائر العاصمة، بالإضافة إلى محطة قورصو بقدرة انتاج 80.000 متر مكعب/يوم بولاية بومرداس، وتدخل هذه المحطات في إطار مسعى الاعتماد على الموارد المائية غير التقليدية لمواجهة العجز المائي، وأعلن الوزير عن انجاز محطتين كبيرتين لتحلية مياه البحر على المدى المتوسط في شرق وغرب العاصمة بقدرة 300.000 متر مكعب/اليوم. وسيسمح إنجاز المحطتين بتغطية 130 بالمائة من الاحتياجات التي تسدها حاليا المياه السطحية، موضحا أن السدود التي تزود الجزائر العاصمة على غرار تكسابت وكدية اسردون وقدارة ستحول الى بومرداس و تيزي وزو والمسيلة والمدية، مضيفا بأن سد الدويرة الذي يزود غرب منطقة الجزائر سيتم تحويله إلى ري الأراضي الفلاحية، في حين سيتم استخدام سد بورومي بولاية البليدة لتزويد ولاية تيبازة ويمكنه تزويد ولاية عين الدفلى. وأوضح أن استراتيجية القطاع ترتقب انجاز محطات تحلية مياه البحر على مستوى 14 ولاية ساحلية على المدى المتوسط حيث يتمركز 95 بالمائة من السكان.
إسراء. أ