“الساركوما” هو نوع من السرطان ينشأ من الخلايا المتحولة ذات الأصل الوسيط، بما في ذلك الأنسجة العظمية أو الغضروفية أو الدهنية أو العضلية أو الوعائية أو المكونة للدم. رغم ندرتها، تشمل “الساركوما” أكثر من 70 نوعاً فرعياً مختلفاً، يمثل كل منها تحديات فريدة في التشخيص والعلاج.
خصصت منظمة الصحة العالمية شهر جويلية الجاري للتوعية بأمراض “الساركوما”، بهدف تثقيف الناس ومتخصصي الرعاية الصحية حول علاماته وأعراضه، التي غالباً ما يمكن الخلط بينها وبين حالات أخرى، ما يؤدي إلى التأخير في التشخيص والعلاج وإلى تقديم الدعم والتشجيع للأفراد والأسر المتضررة من “الساركوما”، أثناء مواجهتهم للتحديات المرتبطة بالمرض.
من جانب آخر، يلعب شهر التوعية هذا دوراً حاسماً في تعزيز الأبحاث وتطوير خيارات العلاج لـ “الساركوما”، وفقاً للموقع الرسمي لوزارة الصحة السعودية.
سرطان نادر
يعتبر مرض “الساركوما” من الأنواع النادرة من السرطان، يتطور في الأنسجة الضامة في الجسم، بما في ذلك العظام والعضلات والدهون والأوعية الدموية والأعصاب. هناك أنواع مختلفة من “الساركوما”، منها “الساركوما” العظمية، “الساركوما” العضلية المخطط، “الساركوما” الشحمية، و”الساركوما” الزليلية وغيرها. يمكن أن تحدث “الساركوما” في أي عمر، ولكنها أكثر شيوعاً عند الأطفال والشباب. ويمكن أن تبدأ في أي عظمة في الجسم، لكنها عادة ما تؤثر على الحوض أو العظام الطويلة مثل الساق أو اليد.
أعراض “الساركوما”
– آلام العظام.
– تورم أو كتلة ملحوظة حول العظم التالف.
– في بعض الحالات، يضعف السرطان العظام ويجعلها قابلة للكسر بسهولة.
– تشمل بعض الأعراض الأقل شيوعاً التعرق الزائد، خاصة في الليل، وفقدان الوزن المفاجئ، وارتفاع درجة الحرارة.
أنواع “الساركوما”
تصنف “الساركوما” إلى فئتين رئيسيتين:
- ساركوما العظام: وأكثرها شيوعا “الساركوما” العظمية
- ساركوما الأنسجة الرخوة: ومنها أنواع فرعية مثل “الساركوما” الشحمية و”الساركوما” العضلية الملساء و”الساركوما” الوعائية.
معدلات البقاء
تختلف معدلات البقاء على قيد الحياة بشكل كبير اعتماداً على نوع “الساركوما” وموقعها ومرحلتها عند التشخيص. وعلى سبيل المثال، تبلغ نسبة البقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات من “الساركوما” العظمية الموضعية نحو 70 في المائة، وفي المرحلة الأولى منها 90 في المائة، ولكنها تنخفض في الحالات المنتشرة فتتراوح بين 10 في المائة إلى 20 في المائة فقط.
ويواجه المرضى الذين تم تشخيص إصابتهم بـ “الساركوما” تحديات عديدة. ونظراً لندرته، غالباً ما يكون هناك نقص في الوعي بين الجمهور ومتخصصي الرعاية الصحية، مما يؤدي إلى تأخير في التشخيص والعلاج. كما أن الأنواع الفرعية المتنوعة ذات الطبيعة المعقدة لـ “الساركوما” تجعل من الصعب تطوير بروتوكولات علاج موحدة. علاوة على ذلك، فإن الأعباء العاطفية والمالية التي يتحملها المرضى وأسرهم يمكن أن تكون هائلة، مما يستلزم أنظمة دعم شاملة.
التشخيص
عادة ما يتم اكتشاف أورام “الساركوما” من قبل المريض عندما تظهر عنده كتلة على الساق أو الذراع أو الجذع. ويمكن العثور عليها أيضاً، صدفة، أثناء أي فحص طبي أو أثناء عملية روتينية. وكلما تم تشخيص “الساركوما” مبكراً، زادت فرص نجاح العلاج.
وسيقوم الطبيب المتخصص بتشخيص “الساركوما” من خلال سلسلة من الاختبارات، منها:
– الفحص السريري – البحث عن أي كتلة غير طبيعية.
– المسح الإشعاعي – التقاط صور للجزء الداخلي من الجسم باستخدام عمليات المسح.
– الخزعة – أخذ واختبار عينة من الأنسجة.
– فحص العظام – في حالات “ساركوما” العظام.
خطة العلاج
نظراً لندرة المرض، يُعد اتباع نهج متعدد التخصصات، يشارك في اتخاذ قراراته المريض، أمراً ضرورياً وغالباً ما يكون علاج الأورام طبياً أو جراحياً أو بالجراحة التجميلية أو الإشعاع.
وقد وُجد أن الدمج المبكر لهذه الخدمات يؤدي إلى تحسين معدل البقاء على قيد الحياة، حيث يعمل على تحسين تخطيط العلاج، ويقلل من ازدواجية الدراسات التشخيصية، ويقلل الوقت اللازم لبدء العلاج. ينبغي إجراء تقييم وإدارة “ساركوما” الأنسجة الرخوة في مركز يتمتع بالخبرة، ويكون العلاج كالتالي:
- أولاً: العلاج الجراحي: إذا كان حجم الورم أقل من 5 سم دون وجود مرض منتشر، فإن الاستئصال الجراحي هو النهج العام، واعتماداً على الهامش الجراحي، يمكن استخدام الإشعاع.
في كثير من الحالات، تكون الجراحة هي أول خطوة في علاج “الساركوما” – أحياناً يضاف إليها العلاج الإشعاعي أو العلاج الكيميائي. يقوم الجراح بإزالة الورم مع إزالة منطقة من الأنسجة الطبيعية المحيطة به أيضاً؛ يُعرف هذا بأخذ هامش السلامة، لأنه يسمح بإزالة أي خلايا سرطانية غير مرئية بالعين المجردة مع الورم مما يمكن أن يقلل من خطر عودة السرطان.
- ثانياً: العلاج الكيميائي: يُستخدم بشكل رئيسي في علاج “ساركوما” العظام، إذا كان حجم الورم أكثر من 5 سم دون وجود مرض منتشر، عادة قبل أو بعد الجراحة، أو إذا كانت الجراحة غير ممكنة/ لا يمكن إزالة الورم بالكامل. ويهدف هذا العلاج إلى تدمير الخلايا السرطانية وانكماش الورم، مع أو من دون إشعاع، تليه الجراحة. يكون العلاج الكيميائي هو الحل دائماً إذا كان الورم منتشراً.
العلاج الجهازي تشمل أنواعه: العلاج الكيميائي، العلاجات عن طريق الفم مثل مثبطات التيروزين كيناز ومثبطات مستقبلات نمو بطانة الأوعية الدموية، الأجسام المضادة مثل دينوسوماب، العلاج المناعي، وعلاجات الخلايا التائية لمستقبل المستضد الخيميري.
هناك أنواع مختلفة من أنظمة العلاج الكيميائي (إما منفردة أو مجتمعة) تستخدم لعلاج “ساركوما” الأنسجة الرخوة.
- ثالثاً: العلاج الإشعاعي: يستخدم هذا العلاج حزماً إشعاعية عالية الطاقة لتدمير الخلايا السرطانية. يمكن تقديمه قبل الجراحة أو بعدها لتقليل خطر تكرار الإصابة بالسرطان.
عند استخدامه قبل الجراحة فإنه يهدف إلى تقليل حجم الورم حتى يمكن إجراء عملية جراحية أقل مساحة من الجسم، وهو فعال جداً أيضاً عند استخدامه بعد الجراحة. وينطبق هذا بشكل خاص على الأورام المتوسطة والعالية الدرجة وعندما تكون الهوامش قريبة جداً. في هذه الحالة، الهدف هو قتل أي خلايا سرطانية متبقية في منطقة الورم.
يمكن أيضاً تقديم العلاج الإشعاعي منفرداً إذا كانت الجراحة غير ممكنة أو إذا لم يكن من الممكن إزالة الورم بالكامل.
ق. م