يقبل العديد من الجزائريين على ممارسة بيع الأعشاب والزيوت لفوائدها الطبية، ويتوقع أنّ يكون مستقبل هاته المهنة أكثر انتشارًا، خصوصًا مع الثروة الهائلة من الأعشاب والنباتات المتوافرة في الجزائر، لكنّ ذلك مرهون بمنحهما اهتمامًا أكبر من الدولة.
تشهد الجزائر في الآونة الأخيرة انتشارًا لافتًا لمهنة استخلاص الزيوت من الأعشاب الطبية، وعلى الرغم من أنّ هاته المهنة لا تزال في مهدها، إلاّ أنّها صارت تستهوي كثيرًا من الجزائريين ،و في وقت يجمع متخصصون وممارسون على ضرورة إيلاء السلطات اهتمامًا أكبر بمهنة بإمكانها استيعاب الشباب الغارق في البطالة.
سعودي تنصح بتجاوز زيت الزيتون للإستفادة من مزايا الزيوت الأخرى
تتحدث الدكتورة كريمة سعودي، أخصائية تغذية علاجية عن حملتها التحسيسية التي سبق أن أطلقتها لفائدة ربات البيوت، وحملت شعار “الوعي يجمعنا” حول أهمية استخدام مختلف أنواع الزيوت في أغذيتنا، بعد اكتشاف أن أغلب الأسر لا تستعمل إلا زيت الزيتون في أطعمتها، الذي ورغم فوائده يظل غير كاف لبلوغ التوازن الغذائي الصحي.
وتقول الدكتورة كريمة إن دافعها لإطلاق الحملة التحسيسية هو ابتعاد الأسر عن التغذية الصحية والإكثار من المواد الدهنية، أو طبخ الأطعمة أكثر من اللازم، من أجل هذا تعمدت أن تكون الحملة وطنية لتمكين أكبر شريحة نسوية، وتحديدا ربات البيوت، من الاستفادة بحكم أنهن مسؤولات عن تحضير الأكل في المنازل، وأشارت الدكتورة إلى أن هذه المبادرة لقيت نجاحا كبيرا بالنظر إلى تفاعل النسوة من خلال طرح الأسئلة حول كيفية تحويل الأكل المطبوخ من مجرد أكل لسد الجوع، إلى غذاء صحي علاجي يحافظ على كامل مكوناته التي تفيد الجسم.
حول إشكالية الزيوت وأهمية استخدامها، على غرار زيت السمسم وزيت حبة الكتان وزيت بذرة اليقطين، ترى الدكتورة أن أغلب ربات البيوت لا يعرفن القيمة الغذائية الموجودة في مختلف هذه الزيوت، ومعلوماتهن منحصرة فقط في زيت الزيتون الذي يعتبر بالنسبة لهن الوحيد الذي يحوي على قيمة صحية. تستدل في هذا الإطار بأهم الفوائد الغذائية الموجودة في السمسم الذي نستخلص منه الزيت لأغراض غذائية وعلاجية.
وحول سر اهتمامها بمختلف أنواع الزيوت المستخلصة من النباتات، أكدت الدكتورة أن القيمة الغذائية الكبيرة الموجودة بها، والتي يجهلها أغلب الناس، هي التي جعلتها توجه اهتمامها إليها وتحرص بنفسها على استخلاص العصارة الزيتية، مع الحرص خلال عملية العصر على كل قيمتها الغذائية، من خلال تجنب عصرها تحت درجة حرارة معينة، مشيرة إلى أنها تهتم اليوم بعشرة أنواع، أهمها زيت الحبة السوداء، السمسم، اليقطين وزيت حبة الكتان، موضحة أن أكثر الأنواع طلبا هي زيت السمسم وزيت حبة الكتان”. من جهة أخرى، تعتقد أخصائية التغذية أن ربات البيوت اليوم، بالنظر إلى تفشي الأمراض التي مرجعها التغذية غير الصحية، بحاجة إلى اكتساب ثقافة غذائية حول مختلف الزيوت وقيمتها الصحية وعدم الاكتفاء بزيت الزيتون الذي يحوي فقط على “أوميغا 9” مشبع أحاديا بالكاربون، وتقول “حتى يكون لدينا غذاء صحي متوازن، لابد أن نجمع بين “الأوميغا 6” الموجود في الزيت النباتي الذي نستعمله جميعا في منازلنا ومختلف أنواع الزيوت الأخرى”، مشيرة إلى أنها تلقت العديد من العروض لتوجيه الزيوت التي تستخرجها إلى التصدير، غير أنها رفضت لأنها ترغب في نشر ثقافة استهلاك مختلف أنواع الزيوت، لأن هدفها توعوي وليس تجاري.
الزيوت.. الإستثمار الضخم لمن يريد ذلك
في سياق متصل، يشرح يحيى شلال أنّ الجزائر تزخر بثروة نباتية وغابية هائلة، وهي بمثابة استثمار ضخم لمن يريد الاستثمار في هذا الميدان الواعد، ويعدّد شلال أنواع الزيوت المتوفرة في الجزائر، على غرار: زيت الزبوج، وزيت الزيتون، وزيت اللبان، وزيت البابون، وزيت النعناع، وزيت الحبة السوداء، وزيت المريمية، وزيت الخزامة، وزيت القرنفل، وغيرها، علمًا أنّه خلال الفترة السابقة ظلت زيوت شركة الكابتن المصرية وزيوت الهيماني البحرينية هي الرائجة، فيما بدأ مُختبر الوسيلة في محافظة برج بوعريريج، وهو مختبر متخصص في المستحضرات العشبية التجميلية، في استغلال الزيوت الأساسية المستخلصة من الجنسنغ والكركم والحبة السوداء.
من جهته، يتحدث عبد القادر (40 عامًا) المتخصص في استخراج الزيوت النباتية وعطور الأزهار، بسعادة عن مهنته “صناعة الزيوت الأساسية”، التي تعدّ قاعدة تتكئ عليها صناعة مواد التجميل والأدوية والعطور. ويشرح أنّها قائمة على استخراج مياه الزهور وتقطير النباتات الطبية، ويضيف عثمان، الذي يملك دبلومًا في الهندسة المدنية وصاحب مؤلفات متعدّدة، أنّه دأب منذ العام 2003، على جمع النباتات من مختلف مناطق البلد، لتحضير منتجات يعتبرها مفيدة لصحة الإنسان، مستخدمًا جهازًا مصنوعاً من الفولاذ المقاوم للصدأ، وفيه أنابيب عدة.
ويوظّف عبد القادر جهاز تقطير خاص به في استخرج مستخلصات النعناع البري وباقي الأعشاب، ويعتبر أنّ عملية استخراج مستخلصات النباتات “ليست عملية صعبة” مقارنة بعملية جنيها المرهونة بالظروف المناخية والفصول، وكذا اليد العاملة، داعياً إلى تنظيم ملتقيات حول فضائل الانتفاع بمستخلصات الأعشاب. ويتطرق عبد القادر إلى صعوبة إيجاد اليد العاملة المؤهلّة خلال فترات جني النعناع البري والخزامى وإكليل الجبل، ومن بين الصعوبات التي تعوق السير الحسن لمهنة استخراج الزيوت النباتية وعطور الأزهار، ندرة القارورات المخصصة لهذا النوع من المواد الطبيعية.
في المقابل، تبدي شريحة واسعة من الجزائريين، إعجابها بمهنة بيع الأعشاب الطبية واستخراج الزيوت، ويؤكد هؤلاء أنها خطوة أسهمت في تخليصهم من الفواتير الباهضة المترتبة عن خدمات العيادات والصيدليات، في هذا السياق، يشير محمد (28 عاماً) ومحمد (40 عاماً) إلى أنّهما يفضلان العلاج بوساطة هذه الأعشاب، التي تنطوي بحسبهما على بعدين صحي واقتصادي، ومن المستحيل برأيهما، أن تلحق أي ضرر بجسم الإنسان، كما أنها إن لم تنفع.. فلن تضر، على حد تعبيرهما، ويضيفان أنّ الجزائريين الأوائل اعتادوا على استعمال هذه الأعشاب والزيوت في الماضي، بما أتاح لهما الاستمتاع بصحة جيدة حتى بلوغ سن متقدمة جدًا.
سعرها يجذب الزبون
وتشدد دلال (25 سنة) على أنّ هذه الوصفات أو الزيوت ليست “غالية الثمن”، بما يحفّز أي مريض مهما كان مستواه المعيشي على اقتنائها، على عكس الأدوية التي أصبحت باهضة الثمن، وتثقل كاهل المريض، خاصة إذا كان غير مؤمن اجتماعيًا، فضلاً عن تأثيرها على صحة المريض، إذا أكثر من استعمالها.
أما زهية (48 عامًا) فتؤكد أنها زبونة “خاصة” لهذا النوع من المحال، لكونها امتثلت للشفاء من أمراض عديدة كالقرحة المعدية والقولون وتزايد نسبة السكر في الدم، مشيرة إلى أنها تقوم بتحاليل دم على مستوى مراكز التحاليل المختصة، وتعرضها على بائع الأعشاب الذي يقوم بدوره بوصف الأعشاب اللازمة لعلاج حالتها المرضية.
لمياء.ب