تعتبر الزاوية إرثا ثقافيا وعلميا لما قامت به من أدوار في تاريخ الجزائر، خاصة أثناء مقاومة الاحتلال الفرنسي، حيث كان المحتل يحسب لها ألف حساب ويعتبرها مصدر خطر على تواجده، فالدارس لتاريخ الجزائر يدرك جيدا أن جل الثورات الشعبية منبعها الزوايا.
ويقول في هذا الصدد الحاكم العام الفرنسي للجزائر آنذاك:” إن الحكومة الفرنسية تعظم زاوية من الزوايا أكثر من تعظيمها لثكنة من الجنود”. ومنه فإن شبكة الزوايا وخاصة المذكورة سابقا كانت مجالا مهيئا للمقاومة والجهاد في الجزائر، وهكذا مثل الدين الإسلامي، المحرك الأهم لكل العمليات التحريرية للشعب الجزائري خلال القرن التاسع عشر، لأنه يعتبر من أحد الأنساق الهامة في الثقافة، لما ينطوي عليه من قوة روحية، استند عليها زعماء المقاومة الشعبية، وهاهو أحد زعماء تلك المقاومات يدعوا إلى الجهاد في رسالته إلى القبائل “بشرى بإعلان الجهاد في سبيل الله على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ضد الفرنساويين، الذين صالوا علينا، وتعدوا وطغوا، وشرعوا في اهانة ديننا الحنيف بعدما فسقوا في أرضنا وأحلوا ما حرم الله، فها نحن رفعنا اللواء المحمدي، وبشرنا كل مسلم بالجهاد راجين من المولى سبحانه وتعالى أن ينصرنا على الكفار المخزيين”.، ولقد عرف المجتمع الجزائري أن مصيره مرتبط بمصير هاته الزوايا فهي ذات طابع روحي بالنسبة له، وأن نجاحه لا يتم إلا إذا أولى هذه المؤسسات مكانتها اللائقة ومكنها من أداء دورها بأكمل وجه. ولما فهم شيوخ الزوايا نوايا المستعمر قاموا بمواجهته بعدة أشكال ومن أهمها لم شملهم وارتباطهم ببعضهم البعض عن طريق إنشاء هيئات وجمعيات لتوحيد صفوفهم ونبذ الفرقة بينهم ومنها جمعية العلماء المسلمين.
مذكرة تخرج – جامعة تيارت-