يعد اهتمام وزارة الدفاع الوطني ومؤسسة الجيش بالرياضة العسكرية أولوية كبيرة، فهو امتداد لتاريخ رياضي لجيشنا الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني الذي اعتمد على الرياضة لإسماع صوت الثورة في المحافل الدولية أيام الاستعمار الفرنسي، وهو ما جسده فريق جبهة التحرير الوطني بين عامي 1958 و1962 بملاحم رشيد مخلوفي، مصطفى زيتوني، محمد سوكان، عبد الحميد كرمالي، محمد معوش في كرة القدم وعكاشة في سباق الدراجات وغيرهم من الأسماء الرياضية الكثيرة في مختلف الرياضات، والتي لم تتوان في رفع الراية الوطنية بمختلف المحافل الرياضية الدولية، رافعة بذلك قضية استقلال الجزائر.
وقد تعاظم هذا الاهتمام بعد الاستقلال، حيث حقّقت النخبة العسكرية الوطنية انتصارات عديدة في مختلف الرياضات وعلى مستوى معظم التظاهرات الرياضية العسكرية، وكانت البداية في ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي احتضنتها الجزائر عام 1975، إذ شكّل المنتخب العسكري نواة النخبة التي افتكت ذهب الدورة على حساب فرنسا.
وواصل الرياضيون العسكريون إنجازاتهم، إلى أن حصل منتخب الجزائر العسكري لكرة القدم على كأسي العالم 2011 و2015، بعد أن حلّ وصيفًا في دورتي 1969 و2005، كما امتد تألق أبناء الجيش الوطني الشعبي لينتزع عداؤونا لقب البطولة العربية العسكرية لألعاب القوى في السودان 2012، كما منحت النخبة العسكرية 6 ميداليات أولمبية للجزائر في رياضتي الملاكمة والجيدو.
وحلّ منتخب الجزائر العسكري لفنون الدفاع عن النفس، ثانياً في بطولة العالم الخامسة بالهند 2017، بعدما انتزع 12 ذهبية، 11 فضية و4 برونزيات، كما احتلت الجزائر الصف الرابع في الألعاب العسكرية الدولية في روسيا “آرميا 2021″، من مجموع 40 دولة في 34 مسابقة مختلفة. ونجحت الجزائر في تنظيم المسابقة العسكرية الدولية السينوتقنية “الصديق الوفي” لسنة 2021 التي احتضنتها بلدنا لأول مرة في الفترة الممتدة من 22 إلى 30 أوت 2021، بمشاركة عدد من الرياضيين ذكورا وإناثا يمثلون خمس دول وهي الجزائر وروسيا وأوزبكستان وفيتنام وبيلاروسيا، حيث شملت المسابقة أربع تخصصات سينوتقنية وهي البياتلون (سباق زائد رمي بالبندقية) وتمرين الرماية بالمسدس الرشاش كلاشنيكوف وسباق الحواجز وتمرين الحماية والأمن.
وحققت النخب الرياضية العسكرية الجزائرية، في الألعاب الإفريقية بأبوجا (نيجيريا)، 2024، 96 ميدالية منها 53 ذهبية، 22 فضية و21 برونزية في 10 اختصاصات من أصل 20 اختصاصا رياضيا تنافست فيها 22 دولة مشاركة، وهي نتائج استثنائية وغير مسبوقة سمحت لبلدنا بانتزاع المرتبة الثانية، في الترتيب العام، بعد البلد المنظم.
السيد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، أكّد حرص الجيش الوطني الشعبي على توفير كافة الوسائل المادية والموارد البشرية اللازمة من أجل تطوير الرياضة العسكرية كجزء لا يتجزأ من برامج المنظومة التكوينية، وذلك في إطار مساعي تكوين جيش احترافي.
وأضاف: “بهذه المناسبة السعيدة، أود أن أؤكد لسيادتكم أننا في الجيش الوطني الشعبي، بقدر ما نعتبر الرياضة بمفهومها الشامل جزء لا يتجزأ من التحضير القتالي للأفراد، بل جزء لا يتجزأ من برامج المنظومة التكوينية لدينا، فإننا نعتبر المنافسات الرياضية، بشتى أنواعها، أنها المدرسة الميدانية التي فيها يتعلم الفرد العسكري قيمة الجهد المبذول، وقيمة روح الجماعة والتنافس والروح الرياضية للتألق والنصر”.
إنّ جهاز الرياضة العسكرية، بقدر اهتمامه بالاختصاصات ذات المستوى العالي، فإنه يتكفل أيضا بالتدريب والتحضير البدني العسكري والرياضي على مستوى الوحدات العسكرية، وهيئات التكوين التابعة للجيش الوطني الشعبي، نظرا لأهميته في تحضير المستخدمين العسكريين، في سبيل مجابهة التحديات اليومية والقيام بمهامهم على أحسن وجه.
كما تسعى مديرية الرياضات العسكرية لوزارة الدفاع أيضا إلى ترقية الرياضة الجماهيرية، وتطوير الرياضة النسوية، فضلا عن المشاركة والمساهمة المباشرة في الحركة الرياضية الوطنية المدنية، بصفتها عضوا فعالا في المنظومة الرياضية الوطنية.
وقد استطاعت الرياضة العسكرية خلال السنوات القليلة الماضية، بفضل الدعم المستمر للقيادة العليا للجيش الشعبي الوطني تجسيد كافة النشاطات الرياضية المسطرة، حيث تم تنظيم عدة منافسات خلال الموسم الرياضي 2021 – 2022، تمثلت في 15 بطولة وطنية عسكرية، 11 بطولة وطنية ما بين المدارس، 8 كؤوس وطنية، 3 سباقات وطنية جماهيرية و3 تجمعات وطنية، بالإضافة إلى بطولتين وطنيتين في كرة القدم القسم الممتاز والقسم الأول بـ18 جولة لكل بطولة، وبطولة وطنية لكرة القدم داخل القاعة بـ14 جولة.
وتجدر الإشارة إلى أنه خلال سنة 2022، جرى تدعيم المنتخب الوطني العسكري النسوي للقفز المظلي الرياضي بـ17 رياضية، حيث أصبح عددهن 25 رياضية، في إطار ترقية النشاط البدني والرياضي لفائدة الرياضيات العسكريات.
وفي مجال التكوين بالتعاون مع الاتحادات الجزائرية، تمكنت الرياضة العسكرية من تكوين أول دفعة لضباط الصف، مختصين في الرياضة (مربي رياضي درجة أولى)، تابعين للرياضة العسكرية، بتأطير أساتذة المدرسة العليا لعلوم الرياضة وتكنولوجياتها لدالي إبراهيم، وإطارات الرياضة العسكرية.
كما أنّ السياسة الرياضية الحكيمة المنتهجة أثبتت نجاعتها على أكثر من صعيد، ولعل النتائج المحققة ليست وليدة الصدفة، بل ثمار استراتيجيات تتخذ من مبادئ وقيم وتقاليد الجيش الوطني الشعبي ركيزة لها، أهمها التحلي بالانضباط المثالي والروح الوطنية العالية.
ق\ر
