الرفق في القرآن والسنة

الرفق في القرآن والسنة

 

لقد حثَّ الله الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في دعوتهم، على الرفق واللين، والتلطف في توضيح الحق؛ قال الله تعالى ” فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ” آل عمران: 159. فأنعم الله عز وجل على الناس بأن جعل رسوله صلى الله عليه وسلم رحيمًا بهم، لينًا معهم، ولم يجعله فظًّا غليظ القلب، فتألفت حوله القلوب، وتجمعت حوله المشاعر؛ قال تعالى مخبرًا عن موسى وهارون عليهما السلام؛ قال الله تعالى ” اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ” طه: 43، 44، فأخبر القرآن عن فرعون أنه طغى؛ أي: تمرد وعتا، وتجبر على الله وعصاه، ” فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى “، هذه الآية فيها عبرة عظيمة، وهو أن فرعون في غاية العتو والاستكبار، وموسى صفوة الله من خلقه إذ ذاك، ومع هذا أمر ألا يخاطب فرعون إلا بالملاطفة واللين.

كما حثَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرفق، وبيَّن أنه سبب كل خير، فعن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ قَالَتْ عَائِشَةُ فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ وَعَلَيْكُمْ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ” رواه البخاري. وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إِنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ فِي شيء إِلاَّ زَانَهُ وَلاَ يُنْزَعُ مِنْ شيء إِلَّا شَانَهُ” رواه مسلم. فقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضرورة أن يكون الإنسان رفيقًا في جميع شؤونه، رفيقًا في معاملة أهله، وفي معاملة إخوانه، وفي معاملة أصدقائه، وفي معاملة عامة الناس يرفق بهم، فإن الله عز وجل رفيق يحب الرفق، ولهذا فإن الإنسان إذا عامل الناس بالرفق يجد لذة وانشراحًا في صدره، ولم يندم على شيء فعله.