الرضاعة الطبيعية لقاح طبيعي غير مستغل بشكل كاف

elmaouid

تستمر الرضاعة الطبيعية من الولادة إلى غاية الفطام، من خلالها تتم تغذية المولود بحليب الأم، لكن ورغم فوائده للأطفال حديثي الولادة، إلا أن عديد الأمهات يفضلن التخلي عن هذه العملية بعد شهور قليلة من الولادة.

قامت “الموعد اليومي” بخرجة ميدانية لمختلف الشوارع الكبرى بالعاصمة تزامنا مع الأسبوع التحسيسي بالرضاعة الطبيعية في الجزائر، لاستطلاع آراء المواطنات حول تخلي الكثير من الأمهات عن إرضاع مواليدهن،

بسبب انشغالهن بمتطلبات الحياة العصرية أو لأسباب جمالية متعلقة بالرشاقة، رغم ما في الرضاعة من  فوائد جمة، إذ بوسعها أن تكسب الطفل مناعة طيلة حياته، رغم ذلك نجد عديد الأمهات تخلين عن إرضاع أبنائهن مدة عامين كاملين، كما تنص على ذلك الآيات الكريمة وكل الدراسات العلمية والطبيعية.

 

العمل اضطرني للتخلي عن الرضاعة الطبيعية

أكدت لنا السيدة “ابتسام”، موظفة في مؤسسة خاصة، أن عملها هو الدافع الوحيد الذي اضطرها للجوء إلى الرضاعة الصناعية، رغم معرفتها بفوائد الرضاعة الطبيعية المتعددة، وتقول: “رغم علمي بفوائد الرضاعة الطبيعية وأنها تمنح الطفل الشعور بالأمان أثناء حمله من طرف الأم وإرضاعها إياه، وأعلم أن هذا الترابط العاطفي بين الرضيع وأمه يزداد يوما بعد آخر وهو يساعد في تكوين الطفل، لكن باعتباري امرأة عاملة، ولا يمكنني أن أغيب عن عملي لأكثر من ثلاثة أشهر، وهو ما اضطرني للتوقف عن إرضاع ابنتي”.

 

 

عدم كفاية الحليب والرشاقة يدفعان للرضاعة الاصطناعية

من جهتها، أشارت السيدة “ليلى” إلى أن عدم كفاية حليبها في إشباع ابنتها اضطرها إلى الرضاعة الاصطناعية، وهناك من تخلت عن الرضاعة الطبيعية فقط من أجل الحفاظ على رشاقة أجسامهن وتجنب ترهل الصدر.

 

أطباء يدعون الأمهات للتمسك بالرضاعة الطبيعية

دعا العديد من الأطباء الأمهات إلى ضرورة التمسك بالرضاعة الطبيعية لأطول مدة ممكنة، لما لها من فوائد تعود على الأم والطفل معا على حد سواء، إذ أن الرضاعة الطبيعية هي عملية يشعر فيها كلاهما بالقرب من الآخر، والأهم أن حليب الأم يمنح المولود كل ما يحتاجه لينمو ويترعرع خلال الستة أشهر الأولى من حياته، فهي تساعده على مكافحة العدوى في الأشهر القليلة الأولى، لأن حليب الأم يحتوي على أجسام مضادة تساعد على حماية الطفل من الأمراض مثل التهاب المعدة والأمعاء، أي الالتهاب المعوي ونزلات البرد والالتهابات البولية والتهابات الأذن. كما أن للرضاعة الطبيعية فوائد على الأم أيضا، إذ أكد العديد من العلماء والمختصين، أنه بإمكان الأمهات أن يتجنبن مضاعفات ومشاكل سرطان الثدي، إن هنّ حرصن على إطالة أمد إرضاع أطفالهن، بدل تقصيرها أو تحديدها، كما هو شائع حاليا. كما كشفت البحوث التي ناقشت هذا الموضوع، أن كل سنة إرضاع تمر بها الأم تقلص من نسب تعرضها لسرطان الثدي بنحو 4,3 من المائة، وهذه النسبة تضاف إلى معدل تراجع تعرضها للمرض بنسبة 7 من المائة لكل طفل تنجبه، والمعروف بين الأوساط العلمية ومنذ زمن طويل، أن سرطان الثدي شائع في الحالات التي تنجب فيها المرأة عدداً أقل من الأطفال وترضعهن لفترات قصيرة.

 

تراجع ملحوظ للرضاعة الطبيعية في الجزائر

لا تمثل نسبة الرضاعة الطبيعية التي تعتبر اللقاح الطبيعي للأطفال سوى 27 بالمائة بولايات غرب البلاد، حسب ما أفاد به رئيس مصلحة الوقاية بمديرية الصحة والسكان، وتعد هذه النسب منخفضة مقارنة مع وسط وشرق البلاد، ومن جهته ذكر الدكتور تركي حساين رفيق من المؤسسة الاستشفائية المتخصصة في طب الأطفال “كثيرا من النساء يجهلن فوائد الرضاعة الطبيعية ولا يعرفن أيضا طرق استعمال الرضاعة الاصطناعية”، مشيرا إلى أن الرضاعة الطبيعية هي مشكلة مجتمع ومسؤولية مشتركة بين الرجل والمرأة مما يوجب العودة بقوة إلى هذا النمط الغذائي الطبيعي للأطفال.

 

لقاح طبيعي غير مستغل

أكدت المكلفة بالبرنامج الوطني للتغذية بوزارة الصحة والسكان واصلاح المستشفيات الدكتورة زكية فوضيل الشريف، أن الرضاعة الطبيعية التي هي بمثابة اللقاح الطبيعي للطفل “لازالت غير مستغلة بشكل كاف بالجزائر”.

وأوضحت هذه المسؤولة أن نسبة الرضاعة الطبيعية القصرية لمدة ستة أشهر “لا تمثل إلا 7 بالمائة”، مشيرة إلى أن الدول المجاورة تتراوح بها هذه النسبة بين 30 و47 بالمائة. وذكرت النسبة التي بلغتها الرضاعة الطبيعية بالدول الاسكندنافية (90-95 بالمائة) بفضل التحسيس والاتصال الاجتماعي، متأسفة على إهمالها وتراجعها بالجزائر رغم أن نسبة 95 بالمائة من الولادات تتم بالوسط الاستشفائي.

وتركز وزارة الصحة والسكان هذه السنة خلال هذه الفترة على التحسيس حول الرضاعة على تكوين القابلات والأطباء العامين الذين باعتبارهم أول من يستقبل الأمهات الحوامل من أجل ترقية الرضاعة الطبيعية بالمجتمع.

ودعت الدكتورة زكية فوضيل الشريف إلى تظافر الجهود من أجل إعادة الاعتبار للرضاعة الطبيعية لتحتل المكانة التي كانت تحتلها فيما سبق، مشيرة إلى فوائدها بالنسبة للطفل، حيث تساهم في تخفيض نسبة الوفيات خلال الأشهر الأولى من حياة الرضيع على المدى المتوسط ووقايته من الأمراض غير المتنقلة مثل داء السكري وارتفاع ضغط الدم الشرياني والقلب على المدى الطويل، بالإضافة إلى حماية الأم من النزيف بعد الوضع وتخفيض إصابتها بسرطان الثدي وعنق الرحم لديها مستقبلا. وحسب منظمة اليونسيف، فإنه رغم فوائد ومنافع الرضاعة الطبيعية على صحة الطفل على المدى الطويل، حيث تساهم في نموه ومناعته والمحافظة على إنمائه الإدراكي، تبقى المعرفة بهذه المنافع غير كافية منذ ولادة الطفل حتى بلوغه سن 6 أشهر.

 

/