الرشوة فساد ولعنة

الرشوة فساد ولعنة

 

الرشوة هي ما يُعطى لإبطال حق أو إحقاق باطل، وهي محرمة، بل هي من الكبائر، فقد قال الله تعالى : “وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ” البقرة/188. ولا شك أن الذي يأخذ الرشوة إنما يأكل سُحتـاً، وقد ذم الله تعالى هذا الصنف من الناس، وشنَّع عليهم أشد التشنيع، فقال تعالى : “وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” المائدة/62. الرشوة سبب اللعنة ولأن الرشوة إذا شاعت في المجتمعات فإنها تؤدي إلى ضياع الحقوق وشيوع الظلم وانتشار الفساد، فقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعامل بها، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال “لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي”. رواه الترمذي، كما بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم ما سيلقاه المرتشي من العقوبة ، وما يلحقه من الإثم حين استعمل رجلاً ، فلما قدم قال : هذا لكم وهذا أُهدي لي ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وقال: “ما بال عاملٍ أبعثه فيقول : هذا لكم وهذا أُهدي لي ! أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيُهدى إليه أم لا ؟ والذي نفس محمد بيده، لا ينال أحد منكم منها شيئـًا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه ، بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر”.
فالذي يأكل الرشوة إنما يحملها على عاتقه إثمـًا عظيمـًا ، يُسأل عنه يوم القيامة.

إن هناك فرقـًا مهمـًا بين الرشوة والهدية وإن اشتبها في الصورة والفرق راجعٌ أساسـًا إلى القصد، إذ أن القصد في الرشوة هو التوصل إلى إبطال حق، أو تحقيق باطل، أما المُهدي فقصده استجلاب المودة والمعرفة والإحسان. قال ابن قيّم الجوزيّة: الفرق بين الهديّة والرّشوة وإن اشتبها في الصّورة القصد، فإنّ الرّاشي قصده بالرّشوة التّوصّل إلى إبطال حقّ، أو تحقيق باطل، فهذا الرّاشي الملعون على لسان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإن رشا لدفع الظّلم عن نفسه اختصّ المرتشي وحده باللّعنة، وأمّا المهدي فقصده استجلاب المودّة والمعرفة والإحسان، فإن قصد المكافأة فهو معاوض، وإن قصد الرّبح فهو مستكثر. ومن أهم المضار والمفاسد المترتبة على الرشوة أنها: تُغضب الله جل وعلا وتجلب على صاحبها العذاب واللعنة. وتُفسد المجتمع حكامـًا ومحكومين. وتُبطل حقوق الضعفاء والمظلومين.