الرئيس تبون يوجه كلمة لرؤساء البعثات الدبلوماسية والقنصلية الجزائرية في الخارج

وضع النقاط على الحروف.. “الجزائر لن تتسامح مع أي تدخل في شؤونها الداخلية”

وضع النقاط على الحروف.. “الجزائر لن تتسامح مع أي تدخل في شؤونها الداخلية”

♦  ضرورة إعطاء الأولوية لعضوية الجزائر المقبلة في مجلس الأمن الدولي

♦  الجزائر ستحتضن القمة العربية شهر مارس المقبل

♦  حماية الاتحاد الإفريقي من “المحاولات الخبيثة” التي تستهدف وحدته ودوره من أولوياتنا

دعا رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الاثنين، بالجزائر العاصمة، أعضاء البعثات الدبلوماسية والقنصلية الجزائرية، إلى التضحية للحفاظ على المصالح العليا للبلاد والتركيز أكثر على كل ما يتعلق بجاليتنا الوطنية بالخارج والدبلوماسية الاقتصادية.

وفي كلمة له في افتتاح أشغال ندوة رؤساء البعثات الدبلوماسية والقنصلية الجزائرية في الخارج حول محور (الدبلوماسية الجزائرية والتحديات الدولية للجزائر الجديدة)، أشار الرئيس تبون إلى التحديات التي تواجه الجزائر في محيطها الجغرافي، والتي تعدُّ -كما قال- أكثر خُطورة، في ظل الأزمات متعددة الأبعاد التي تشهدها منطقتنا، وكذا بؤر التوتر في العديد من دول الجوار، على طول شريطنا الحدودي، لا سيما في الصحراء الغربية، مع استئناف الـمواجهات العسكرية بين جبهة البوليساريو وقوات الاحتلال الـمغربي، والأزمة الليبية التي لا تزال تشهد تجاذبات بفعل التدخلات الأجنبية المتعددة، وكذلك الوضع في منطقة الساحل الذي يستمر تحت تأثير عوامل عديدة، مرتبطة بصراعات متعددة الأوجه، وانتشار التهديد الإرهابي والجريمة الـمنظمة بجميع أنواعها. وأضاف، إن قراءتنا للسيّاق الدولي الذي تتفاعل معه دبلوماسيتنا، لن يكتمل دون التعرض للتهديدات التي تُثقل كاهل الجزائر، بشكل مباشر، وتهدف إلى إضعافها من الداخل، مستعملة في ذلك ما يُعرف بـ(حرب الجــيل الرابـــــع) التي تتم مـمـارستها ضد بلادنا، في إطار مخطط أوسع يستهدف إفريقيا والشرق الأوسط. وفي هذا السيّاق وما ينجر عنه من تداعيات، دعا الرئيس تبون السلك الدبلوماسي، للتحلي بنفس روح الالــتزام والتضحية، التي ميزت والرّد بحزم على المناورات العدائــيـة التي تستهدف البلاد، للحفاظ على الـمصالح العليا للجزائر وأمننا الوطني.

 

دبلوماسية إقليمية وعالمية

أما على الصعيد العالمي، شدد الرئيس تبون على ضرورة اتخاذ إجراءات استباقية، من أجل ترسيخ دور الجزائر كفاعل مؤثر، يساهم بجدية في مواجهة التحديات الدولية، وذلك من خلال طرح الأفكار والـمبادرات، التي من شأنها تعزيز العمل متعدد الأطراف.

كما شدد أيضا على إعطاء الأولوية لعضوية الجزائر الـمقبلة، في مجلس الأمن للأمم الـمتحدة، خلال الفترة 2024 -2025، للـمساهمة في الجهود الرامية للحفاظ على السلم والأمن الدوليين، والعمل بالتعـاون مع الدول التي تشاركنا وجهات النظر، والـمواقف على تعزيز دور الأمـم المتحدة، لحملها على الاضطلاع بالمسؤوليات الـمنوطة بها، لا سيما تجاه الشعبين الفلسطيني والصحراوي. وعلى الـمستوى القاري، حثّ الرئيس على مواصلة الجهود لتقوية أواصر الأخوة والصداقة مع الدول الإفريقية، التي تمثل العمق الاستراتيجي والجغرافي والحضاري لبلادنا، وأكد على تقوية الاتحاد الإفريقي لحمايته من الـمحاولات الخبيثة التي تستهدف وحدة صفه ودوره الـمركزي.

 

إنجاح القمة العربية

وكشف الرئيس تبون، أن الجزائر ستحتضن القمة العربية شهر مارس المقبل، وعليه دعا إلى مواصلة الجهود لتعزيز العمل العربي الـمشترك، من خلال تهيئة الظروف اللازمة لإنجاح القمة العربية الـمقبلة، التي ستنعقد بإذن الله بالجزائر. ويجب أن تشكل هذه القمة، وفق ما أكده الرئيس، فرصة ثمينة، لتجديد الالتزام الجماعي بدعم القضية الفلسطينية، من خلال إعادة تأكيد تقيد جميع الدول الأعضاء، بمبادرة السلام العربية. كما دعا الرئيس تبون، إلى اغتنام هذه الفرصة لدراسة ملف إصلاح جامعة الدول العربية، بهـدف تحسين أدائها، في سياق رؤية جديدة للعمل العربي الـمشترك، ودعا الدبلوماسية الجزائرية لتكثيف جهودها، في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار، على الصعيد الإقليمي، لا سيما من خلال الـمشاركة في حل الأزمة الليبية، وتعزيز الاستقرار في منطقة الساحل.

 

شراكات مع دول حليفة وصديقة

أما فيما يتعلق بالشراكات، دعا رئيس الجمهورية إلى العمل بطريقة عقلانية ومتوازنة، لتطوير العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية مع شركائنا الرئيسيين في كل من أوروبا وأمريكا الشمالية وفي آسيا.

وشدد على أن يعمل الجميع لتحقيق مقاربة تحافظ على النسيج الصناعي الجزائري، وتحمي الـمنتوج الوطني، وتوفر منافذ لـمصدرينا بالخارج. وضرورة العمل على إقامة علاقات أكثر توازنًا، مع كل شركائنا، خاصة مع الاتحـــاد الأوروبي. وفي علاقاتها الثنائية مع شركائنا الأوروبيين، أكد تبون أن الجزائر لن تتسامح مع أي تدخل في شؤونها الداخلية وستظل دوما على استعداد، لإقامة علاقات مبنية على الاحترام الـمتبادل، والالتزام الكامل، بمبدأ الـمساواة السيادية بين الدول. على صعيد آخر، وفيما يخص علاقاتنا مع كل من روسيا والولايات الـمتحدة والصين، طلب الرئيس من الجهاز الدبلوماسي العمل على تعزيزها أكثـر، خاصة على المستوى الاقتصادي، كما يتوجب على سفرائنا العمل على تعزيز علاقاتنا، مع الدول الأخرى في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحـر الكاريـبي وجـزر المحيـط الهادي، لإعادة التواصل على جميع الــمستويات وتوسيع علاقات التعاون، مع هذه الدول.

 

الجالية الوطنية بالخارج

 

وبالنسبة للجالية الوطنية بالخارج، طالب رئيس الجمهورية من السلك الدبلوماسي ابتكار الأساليب والـمناهج لضمان ترجمة فعلية وعملية، للأهمية الخاصة التي يوليها شخصيًا لهذا الـموضوع. كما طالبهم بالاهتمام بانشغالاتهم، والاستجابة لاحتياجاتهم، وتعزيز روابطها مع الوطن، وإشراك أفرادها، في مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلدنا، وكذا في الجهود الرامية لتعزيز مكانة ونفوذ الجزائر، على الساحة الدولية.

وأكد تبون، أن جاليتنا الـمتواجدة في جميع أنحاء العالم، لها من الكفاءات والـمهارات، ما يُمكّـنُـها من تقديم إضافة نوعية، لجهود التنمـية فـي بلادنا، وهي مدفوعة برغبة قوية وإرادة كبيرة، في سبيل ذلك، ولا تطلب إلا إشراكها في هذا الجهد الجماعي، عـبر ريادة الأعمال المبتكرة، وتبادل الخبرات والتدريب. لذلك، فإنه من الضرورة بمكان وضع الأطر والآليات الـمناسبة للإشراف على هذه العملية، وتمكين أفراد جاليتنا، الذين يتمتعون بإمكانيات هائلة من تقديم مساهماتهم.

 

الدبلوماسية الاقتصادية

وبعد أن أشار إلى الاضطرابات التي شهدها النظام الدولي، في الآونة الأخيرة نتيجة سلسلة من العوامل والظواهر، وبروز العديد من الفاعلين الجدد، دعا الرئيس تبون إلى عملية تكييف مستمرة لمهام الدبلوماسية الجزائرية، ومجالات انتشارها، وذلك في إطار احترام المبادئ والقيم الثابتة لسياستنا الخارجية.

وأشار الرئيس، أن النظام الـمتعدّد الأطراف، الذي يقوم جوهره على ترقية الحلول الجماعية للتحديات الـمشتركة، أظهر حدوده في مواجهة وباء Covid-19 الذي سلط الضوء على نقص جاهزية الـمجتمع الدولي، للعمل الجماعي والـميل الـمؤسف للأحادية، وعليه أكد الرئيس أن تداعيات هذا الوباء سيكون لها الأثر البالغ، في صياغة ملامح العالم ما بعد الجائحة. ودعا الرئيس تبون الدبلوماسيـــة الاقتصاديـــة، للتموقع في طليعة الجهود الوطنية الهادفة إلى تعزيز جاذبية الجزائر تجاه الشركات الأجنبية، ودعم الـمؤسسات الوطنية لولوج الأسواق العالـمية، وذلك عبر استطلاع ودراسة أنماط السوق والاستهلاك وتحديد الفرص الـمتاحة، للمنتجات الوطنية الجزائرية. وأكد بأن العمل الدبلوماسي، يجب أن يشكل امتدادا ورافدا لمساعي وجهود الدولة في جميع الـمجالات، وبالتالي، يضيف الرئيس فإنه يقع على عاتقكم الاسترشاد باستمرار، بالأجندة الوطنية في إطار جهودكم وعملكم اليومي، فالـمصلحة العليا للوطن وسمعته ومكانته وكرامة مواطنينا بالخارج تبقى دائما وأبدا فوق كل اعتبار.

م.ع