-
الله يعلم أنني كنت صادقا ومخلصا لكم طيلة 20 سنة كاملة
-
أغادر الساحة السياسية وأنا غير حزين و لا خائف على مستقبل بلادنا
-
أرجو أن يعين الله الرئيس الجديد على مواصلة تحقيق آمال وطموحات شعبنا
-
أطلب منكم أن تعـــــتصموا بــــحبــــل الله جميـــــعا ولا تفرقوا وأن تكونوا في مستوى مسؤولية صون أمانة الشهداء
الجزائر- وجه الرئيس المنتهية عهدته عبد العزيز بوتفليقة، الأربعاء، رسالة إلى الشعب الجزائري يودعه فيها طالبا منه المسامحة والمعذرة والصفح عن كل تقصير يكون قد بدر منه طيلة فترة حكمه التي تشارف على 20 سنة.
وجاء في رسالة بوتفليقة – الرئيس المنتهية ولايته – “وأنا أغادر سدة الـمسؤولية وجب علي ألا أنهي مساري الرئاسي من دون أن أوافيكم بكتابي الأخير هذا وغايتي منه ألا أبرح الـمشهد السياسي الوطني على تناء بيننا يحرمني من التماس الصفح ممن قَصَّرت في حقهم من أبناء وطني وبناته، من حيث لا أدري رغم بالغ حرصي على أن أكون خادما لكل الجزائريين والجزائريات بلا تمييز أو استثناء”.
وأضاف “الآن، وقد أنهيت عهدتي الرابعة، أغادر سدة الـمسؤولية وأنا أستحضر ما تعاونا عليه، بإخلاص وتفان، فأضفنا لبنات إلى صرح وطننا وحققنا ما جعلنا نبلغ بعض ما كنا نتوق إليه من عزة وكرامة بفضل كل من ساعدني من بناته وأبنائه البررة”.
وتمنى الرئيس المنتهية عهدته للرئيس الجديد الذي سينتخبه الشعب الجزائري قريبا كل التوفيق وأن يواصل تحقيق ما يصبو إليه الشعب وبناء مستقبل الجزائر، “عما قريب، سيكون للجزائر رئيس جديد أرجو أن يعينه الله على مواصلة تحقيق آمال وطموحات بناتها وأبنائها الأباة اعتمادا على صدق إخلاصهم وأكيد عزمهم على الـمشاركة الجادة الحسية الـملـموسة، من الآن فصاعدا، في مواصلة بناء بلادهم بالتشمير على سواعدهم وبسداد أفكارهم ويقظتهم الـمواطنية”.
وأكد بوتفليقة أن الظروف المحتقنة التي تشهدها الجزائر منذ أكثر من شهر لن تكون سببا في توقف المسيرة الوطنية التي انطلقت قبل سنين صوب التقدم والازدهار مع رجائه أن يسهم في استمرار هذه المسيرة شباب ونساء نظير ثقته في قدرتهما على تجاوز التحديات التي تواجه بناء مستقبل الوطن.
“رغم الظروف الـمحتقنة، منذ 22 فبراير الـماضي، أحمد الله على أني ما زلت كلي أمل أن الـمسيرة الوطنية لن تتوقف وسيأتي من سيواصل قيادتها نحو آفاق التـــقدم والازدهار مـولِيّا، وهذا رجائي، رعاية خاصة لتمكين فئتي الشباب والنساء من الوصول إلى الوظائف السياسية والبرلـمانية والإدارية، ذلك أن ثقتي كبيرة في قدرتهما على الـمساهمة في مغالبة ما يواجه الوطن من تحديات وفي بناء مستقبله”.
وذكر بوتفليقة في رسالته جميع الجزائريين والجزائريات بما قام به خلال الفترة التي قضاها على رئاسة الدولة وقال “إن كوني أصبحت اليوم واحـــدا من عــــامة الـمــــواطنين لا يمنعني من حق الافتخار بإسهامي في دخول الجزائر في القرن الحادي والعشرين وهي في حال أفضل من الذي كانت عليه من ذي قبل، ومن حق التنويه بما تحقق للشعب الجزائري الذي شرفني برئاسته، مدة عشرين سنة، من تقدم مشهود في جميع الـمجالات”.
وتابع يقول مودعا “لـما كان لكل أجل كتاب، أخاطبكم مودعا وليس من السهل عليّ التعبير عن حقيقة مشاعري نحوكم وصدق إحساسي تجاهكم ذلك أن في جوانحي مشاعر وأحاسيس لا أستطيع الإفصاح عنها و كلـــماتي قــــاصرة عن مـــكافـــــأة ما لقيته من الغالبية العظمى منكم من أياد بيضاء ومن دلائل الـمحبة والتكريم”.
ونوه الرئيس الخامس للجمهورية الجزائرية المستقلة إلى إخلاصه وصدقه طيلة فترة الـ 20 عاما التي قضاها على سدة الحكم وما تخللها من سنوات رغد وعجاف أو تلك التي سبقتها خلال فترة التحرير أو المرحلة الأولى ما بعد الاستقلال، حيث قال “لقد تطوعت لرئاسة بلادنا استكمالا لتلك الـمهام التي أعانني الله على الاضطلاع بها منذ أن انخرطت جنديا في جيش التحرير الوطني الـمجيد إلى الـمرحلة الأولى ما بعد الاستقلال، وفاء لعهد شهدائنا الأبرار، وسلخت مما كتب لي الله أن أعيشه إلى حد الآن عشرين سنة في خدمتكم، والله يعلم أنني كنت صادقا ومخلصا، مرت أيام وسنوات كانت تارة عجاف وتارة سنوات رغد، سنوات مضت وخلفت ما خلفت مما أرضاكم ومما لـم يرضكم من أعمالي غير الـمعصومة من الخطأ والزلل”.
وتابع يقول “ولـما كان دوام الحال من الـمحال، وهذه هي سنة الحياة، ولن تجد لسنة الله تبديلا ولا لقضائه مردا وتحويلا، أغادر الساحة السياسية وأنا غير حزين ولا خائف على مستقبل بلادنا، بل أنا على ثقة بأنكم ستواصلون مع قيادتكم الجديدة مسيرة الإصلاح والبذل والعطاء على الوجه الذي يجلب لبلادنا الـمزيد من الرفاه والأمن بفضل ما لـمسته لدى شبابنا، قلب أمتنا النــــابض، من توثب وإقدام وطموح وتفاؤل”.
وأكد بوتفليقة أن كونه أصبح مواطنا عاديا بين أبناء هذا الشعب ولزومه البيت إلا أن ذلك لن يمنعه من قطع وشائج المحبة والوصال مع جميع الجزائريين والجزائريين.
“كنتم خير الإخـوة والأخـوات وخير الأعوان و خير الرفاق، وقضيت معكم، وبين ظهرانكم، أخصب سنوات عطائي لبلادنا. ولن يعني لزوم بيتي، بعد اليوم، قطع وشائج الـمحبة والوصال بيننا ولن يعني رمي ذكرياتي معكم في مهب النسيان وقد كنتم، وستبقون، تسكنون أبدا في سويداء قلبي”.
وتابع الرئيس المنتهية عهدته يؤكد أن أغلى ما حظي به خلال رئاسة الجزائر مشاعر الفخر والاعتزاز التي بادلها له الشعب الجزائري والتي كانت دوما سنده في فترة صحته ومرضه.
“أشكركم جميعا على أغلى ما غنمت من رئاستي لبلادنا من مشاعر الفخر والاعتزاز التي أنعمتم بها علي وكانت حافزي على خدمتكم في حال عافيتي وحتى في حال اعتلالي”.
وجدد بوتفليقة في ختام رسالته الأخيرة دعوته الشعب الجزائري بكامل أطيافه الى مسامحته والتماس العذر له والصفح عنه جراء كل تقصير ارتكبه في حقهم خلال فترة حكمه، داعيا إياهم إلى أن يكون في مستوى مسؤولية صون الأمانة التي تركها شهداء الجزائر الأبرار، وحدة الجزائر.
“أطلب منكم وأنا بشر غير منزّه عن الخطأ، الـمسامحة والـمعذرة والصفح عن كل تقصير ارتكبته في حقكم بكلـمة أو بفعل. وأطلب منكم أن تظلوا مُــوَفِّيـنَ الاحتفاء والتبجيل لـمن قضوا نحبهم، ولـمن ينتظرون، من صناع معجزة تحريرينا الوطــــني، وأن تعـــــتصموا بــــحبــــل الله جميـــــعا ولا تفرّقوا وأن تكونوا في مستوى مسؤولية صون أمانة شهدائنا الأبرار”.
“من الـمؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا”. صدق الله العظيم….يختم الرئيس المنتهية ولايته آخر رسائله للشعب الجزائري.
م/ع