ميثاق وطني لمكافحة الفساد في تونس
قال الرئيس التونسي الباجى قائد السبسى إن الوضع في بلاده لا يزال هشا، ولابد من العمل وتضافر كل الجهود من أجل تحقيق الاستقرار، الذى سيجلب معه التنمية والاستثمار لتونس ويروج لصورة جديدة عنها غير صورة البلد غير المستقر أو المستهدف من قبل الجماعات الإرهابية.
وأضاف السبسي في تصريحات نقلتها وسائل إعلام تونسية أن التونسيين أظهروا خلال السنوات الخمس الأخيرة أنهم قادرون على حل مشاكلهم بالحوار، وهذا ما حصل خلال الساعات الأخيرة في الأزمة بين الحكومة واتحاد الشغل، الذى اعتبر أنه سوف يؤسس لسلم اجتماعى تونس في حاجة له.ونوه بأن النخبة السياسية في تونس أظهرت قدرة على حسن إدارة الخلافات بينها، وأن السلطة التنفيذية، من رئاسة دولة وحكومة، تتابع
عن كثب الوضع وتتفهم الاحتجاجات والقلق الذى تعبر عنه العديد من القطاعات، وهو أمر طبيعى في مرحلة انتقالية، ولا يعبر عن تعطل لمسار الإصلاح، ولا ينبئ بانفجار أو ثورة ثانية.وحول المناوشات التى شهدها البرلمان أثناء مناقشة مشروع الميزانية، قال الرئيس التونسى إنها علامة صحية وتعبر عن وجود حياة ونقاش وتباين في المواقف والآراء، مبينا أن برلمانات الدول العريقة في الديمقراطية يصل فيها الحال إلى تبادل العنف.وأكد أن نظام الحكم المبنى على النظام البرلمانى المعدل لا يناسب تونس وأن النظام الرئاسى هو الذى يلقى قبولا من أغلبية الشعب التونسى، نافيا في الوقت نفسه اختراقه للدستور ومشددا على أنه هو الضامن لاحترام الدستور في تونس.وقال السبسى إن ” تونس اختارت الديمقراطية، لكن ما زلنا نفتقد ثقافتها، وأن الديمقراطية لا تفرض بل هى ممارسة يومية، والشعب التونسى بكل نخبه وشرائحه بصدد التدرب على الديمقراطية” .وأضاف أن المعارضة في عهد الديكتاتورية لا يمكن أن تكون هى نفسها في نظام ديمقراطى، مؤكدا أنه لا يمكن تحقيق نجاح بدون معارضة، معتبرا أن صورة تونس في الخارج الآن إيجابية جدا، وهذا أمر مهم لجلب الاستثمار والسياحة، رغم أن التونسيين لا يرونها كذلك.وأشار إلى أن ذلك ربما يبدو طبيعيا، وسببه أن الناس لم تتغير أحوالها، وأن المناطق المهمشة لا تزال مهمشة، وأن البطالة ازدادت، وهى في الواقع كلها تعود إلى طبيعة المرحلة الانتقالية التى مرت بها تونس.وحول الجدل الذى أثارته تصريحات منسوبة إليه فهم منها ” تسامح” مع الإرهابيين التونسيين الذين يقاتلون في بؤر التوتر مع تنظيمات إرهابية مثل ” القاعدة” و” داعش” ، أوضح الرئيس التونسى أنه يرفض بصفة قطعية العفو عن هؤلاء، كما يرفض أيضا ما يسمى بـ” قانون التوبة” ، مشددا على أن هؤلاء مجرمون ولابد من تقديمهم للعدالة وأنه لا يتسامح مع من يرفع السلاح ويقتل الأبرياء ولا بد من تطبيق القانون بكل صرامة.وجدد السبسى تأكيده على أنه ليس في تحالف أو توافق مع الإسلاميين في تونس، معتبرا أن حزب ” النهضة” قد قطع وتبرأ من الانتساب للإسلام السياسى ولجماعة الإخوان.وأضاف أنه يتابع بجدية التحولات التى يروج قادة النهضة أنهم بصدد القيام بها، بهدف التحول لحزب سياسى، مشيرا إلى أنها خطوة أولى مهمة لكنها غير كافية وأن المناخ في تونس الآن مناسب لتتغير هذه الحركات، وهذا ما يجب عليها فهمه.واعتبر الرئيس التونسى أن مسار العدالة الانتقالية الذى تشرف عليه هيئة العدالة والكرامة في بلاده ” مسيس” ، وهو ما يجب أن يتم تجاوزه في عمل الهيئة، خاصة في جلسات الاستماع، التى يجب أن تكون بحضور الضحايا والمتهمين.من جهتها وقعت الحكومة وهيئات تونسية ” ميثاقا” لتفعيل استراتيجية لمكافحة الفساد الذي تفاقم في تونس بعد الاطاحة بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في يناير 2011.وفي ختام ” المؤتمر الوطني لمكافحة الفساد” ، وقعت الحكومة والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (دستورية) والهيئة الوقتية للقضاء العدلي (دستورية) والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين (مستقلة) على ” الميثاق الوطني لتفعيل الاستراتيجية الوطنية للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد” .كما وقعت على ” خطة عمل” لتنفيذ الاستراتيجية التي تغطي الفترة ما بين 2016 و2020.وخلال مراسم التوقيع، أعلن رئيس الحكومة يوسف الشاهد أن هذه الاستراتيجية ” خطوة أولى نحو إعلان الحرب على الفساد والتعبئة العامة ضد هذه الآفة” .
وقال الشاهد إن ” عودة الثقة بين المواطن والدولة والمواطن والطبقة السياسية يمر حتما عبر تحقيق نتائج ملموسة على جبهة مكافحة الفساد” .من جهته، أعلن شوقي الطبيب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أن الفساد تفاقم في تونس بعد ثورة 2011 وهو الآن ” بصدد نسف اقتصادنا ومكونات دولتنا المدنية بل وحتى تهديد نمط عيشنا المجتمعي” .وسنويا، تخسر تونس نقطتين في النتاج المحلي الاجمالي بسبب الفساد، ومثلهما بسبب ” اللاحوكمة” ، بحسب البنك الدولي.وعلى أهمية ميثاق مكافحة الفساد، تبقى هذه الظاهرة مستعصية على الحل بالنظر إلى استشراء الفساد في جميع مؤسسات الدولة تقريبا.وأطلق يوسف الشاهد حزمة اصلاحات اقتصادية إلا أن نجاحها يبقى رهين القضاء على الفساد المالي والاداري في تونس.