الدورة الرابعة لمهرجان “بانوراما الفيلم القصير” في تونس… “ضياع” لمحمد علال يلفت الأنظار

الدورة الرابعة لمهرجان “بانوراما الفيلم القصير” في تونس… “ضياع” لمحمد علال يلفت الأنظار

 

كان التونسيون مجددا على موعد مع الفن السابع وذلك من خلال مهرجان “بانوراما الفيلم القصير” في دورته الرابعة بإدارة المخرج الشاب كمال عويج. ودارت العروض على مدى ثلاثة أيام ما بين 15 – 17 مارس. وكان ذلك بمشاركة 28 فيلما من 9 دول هي الجزائر وفرنسا والمغرب ولبنان وتونس والعراق وفلسطين والكويت وإيران. وتتنافس هذه الأعمال للاستحواذ على إعجاب المشاهدين وعشاق الفن السابع واهتمام النقاد. وتناولت الأفلام المشاركة إشكاليات عديدة وعناوين قصصية متنوعة مثل العنف والحريات والتطرف والإرهاب والجريمة.

ورغم أن الأفلام الطويلة تبقى الأكثر متابعة من قبل المشاهدين وجمهور السينما، إلا أن الأفلام القصيرة أيضا تلقى اهتماما كبيرا من عشاق السينما في تونس. كما أن هناك فضولا من قبل عديد المتابعين لاستكشاف هذا النوع من الأفلام والذي يحاول في دقائق معدودات طرح أهم الاشكاليات الواقعة في زمننا المعاصر. والمعلوم أن الفيلم القصير هو صنف سينمائي يختلف عن الطويل ولا يقل صعوبة عما يتطلبه الفيلم الطويل من تحضيرات لوجستية ومالية.

في هذا السياق، يقول مدير المهرجان كمال عويج لـ “القدس العربي” إن هذا المهرجان يستهدف تشجيع الهواة لعرض أفلامهم القصيرة. ورغم ذلك فإنه انطلق دون دعم من وزارة الثقافة التونسية ولا أي دعم اشهاري من القطاع الخاص. وأضاف: “في الدورات السابقة حاولنا تطوير فعاليات المهرجان وتوسيع ما يقدمه، فانتقلنا إلى مدن عديدة في تونس مثل باجة ومجاز الباب من أجل عرض أفلامنا القصيرة. والهدف هو أن ينتقل المهرجان إلى داخل ولايات الجمهورية في التصاق أكبر مع الجمهور”. وتنافست الأعمال المشاركة للحصول على ثلاث جوائز هي الفيلم الوثائقي والفيلم الروائي وجائزة لجنة التحكيم. ومن بين أعضاء لجنة التحكيم الناقد الجزائري جمال محمدي، ومن تونس المخرجة التونسية سلمى بكار، والإعلامية التونسية مبروكة خذير.

 

فرصة للشباب

ولئن انطلقت الدورة الأولى سنة 2016 وضمت 10 أفلام قصيرة ووثائقية من تونس وبلجيكا والجزائر، فإن الدورة الحالية تميزت بانفتاحها على عدد أكبر من أعمال المشاركين والمخرجين وكذلك على بلدان أخرى في محاولة لطرق أبواب مجتمعات أخرى وما تعيشه من مصاعب حياتية. فالسينما هي انعكاس لمختلف ما يجري في الواقع وما يطرح من مصاعب وأزمات من خلال رؤية المخرج وعدسته. هنا الحب والحياة والمشاعر الإنسانية بكل تقلباتها وجدليتها تحضر عبر قصة قصيرة تختزل المعاني والقيم الإنسانية.

ويقول عويج إن هذا المهرجان منذ انطلاقه كان مفتوحا لكل الهواة وطلبة مدارس السينما ممن لم يجدوا الفرصة لعرض أعمالهم في تظاهرات سينمائية أخرى، والهدف هو دعم المواهب وخروجها إلى العلن. وتحاول هذه التظاهرة الفتية أن تكون استكمالا لمهرجانات أخرى عريقة في تونس مثل أيام قرطاج السينمائية وأيام قرطاج المسرحية بشكل يحافظ على استمرارية الحياة الثقافية في تونس.

 

حرية بلا حدود

وخصص اليوم الأول لعرض الأفلام التالية: haut et for للمخرج الفرنسي Théo Augier الذي يعالج فيه مخرجه قضية القيود الاجتماعية التي تعيق حرية البشر الذي يتمرد في نهاية المطاف عليها جميعا ليذهب إلى أفق أرحب. ومن هذه القيود سلطة الأب والأم والمدرس وغيرهم والذين قد يصل بهم الأمر إلى حد المبالغة في التضييق على الطفل أو المراهق. ويظهر بطل الفيلم في حديقة مأوى العجز يخاطب كل هؤلاء ويوبخهم ويلومهم على استهدافهم لحريته الفردية والحيلولة دونه والانطلاق في رحاب الحياة. ويظهر في آخر الفيلم في مشهد راقص وقد عبر عما يختلج في صدره من أحاسيس وتحدث بكل حرية مع من يضعون القيود من حوله.

ومن الأفلام اللافتة أيضا “نور” لحسن الموسوي من لبنان، و”ضياع” لمحمد علال من الجزائر الذي يعالج قضية الإدمان على الأقراص المخدرة الذي يؤدي إلى الفقر وإلى عقوق الوالدين وأحيانا إلى القتل، وبالتالي إلى خسارة كل شيء ومن ثم الضياع. ويبدأ الفيلم بمشهد شاب منزعج في بيته وقد انتهى مخزونه من الأقراص المخدرة فيغادر غاضبا إلى المزود بهذه الأقراص الذي يرفض مده ببعضها دون مال، فيضطر إلى العودة إلى البيت ويأخذ مال والدته عنوة ويدفعها فتسقط أرضا وتسيل دماؤها، وهو ما حز في نفسها، فتوجه مباشرة وأصاب بائع المواد المخدرة في مقتل.

وهناك أيضا فيلم “تصادم” لفتحي بن مختار من الجزائر، و”سينيال” لزياد حمودة من تونس، و”ورا الباب” لحاتم الحلواني من تونس والذي يهتم بقضية التضامن الاجتماعي ويصور قصة طفل يتيم يعجز عن اللعب في المدرسة مع زملائه خشية من تمزق الشبشب الذي يرتديه وهو الذي عجزت عائلته بعد وفاة الوالد عن اقتناء حذاء له. وقد جعل ذلك زميله يطلب من والديه تقديم يد العون لهذا الطفل البائس واقتناء حذاء له يمكنه من اللعب مع أترابه. ومن بين العروض أيضا فيلم “refraction” لحسين بوصابر من المغرب و”split” لغسان الماجري من تونس.

ب/ص