الدكتور والإعلامي والكاتب مراد بوشحيط لـ “الموعد اليومي”: الأم أكاديمية بلا شهادات… إذا أعددتها أعددت نجاحا بلا نهاية

الدكتور والإعلامي والكاتب مراد بوشحيط لـ “الموعد اليومي”: الأم أكاديمية بلا شهادات… إذا أعددتها أعددت نجاحا بلا نهاية

يعد الدكتور والاعلامي مراد بوشحيط من أبرز الأسماء الناشطة في مجال الاعلام الهادف، حيث أنتج عدة برامج قيمة في التلفزيون الجزائري.

كما عرف باهتماماته التكنولوجية، حيث قدم حصصا معرفية حول الأنترنت، متحصل على شهادة الدكتوراه عام 2016 عن رسالة بعنوان “صناعة صورة الرئيس الأمريكي” والتي حولها إلى كتاب في عام 2019 عن دار الأيام بالأردن، إلى جانب مشاركته في العديد من المؤتمرات والأمسيات الأدبية.

كما أنجز مؤخرا مؤلفا جديدا اختار له عنوان “صريف الأقلام”.

فعن هذا المؤلف الجديد وأمور أخرى تحدث الدكتور والاعلامي مراد بوشحيط لـ”الموعد اليومي” في هذا الحوار.

 

كانت لك محطات بارزة في مجال تقديم حصص معرفية حول الأنترنت، كلمنا عن أبرزها؟

فعلا، لقد قدمت عدة حصص معرفية حول الأنترنت ووسائل التكنولوجية الحديثة دامت سنوات طويلة منها برنامج “فضاء الأنترنت” في عام 2001، “أخبار أون لاين” في 2005، “صباح نت” في 2009 و”المعرفة أون لاين” في 2013.

 

أنجزت خلال هذه الفترة مؤلفا جديدا عنونته بـ “صريف الأقلام”، ماذا تقول عنه؟

Peut être une image de une personne ou plus, livre et texte

مادة الكتابات التي احتواها هذا المؤلف كانت أفكارا ونصوصا نشرت على صفحة الفايسبوك في سلسلة يومية أو أسبوعية، وقد حظيت هذه المنشورات برصيد من التعليقات والإعجاب من عموم الأصدقاء ومن الجمهور، وهذا ما شجعني على أن أضمها في كتاب .

 

” صريف الأقلام” هل هو كتاب عن الأم أم كتاب عن الدنيا من منظور الأم؟

هذا الكتاب هو مقالات عن الأم في حالات متعددة، ولكنه أيضا مقالات عن الدنيا وما فيها من منظور الأم، وهو أحاديث معظمها حقيقي مع والدتي على غرار لحظات الضعف والقوة، أخذت منها زبدتها وكونت منها نصوصا أدبية، كما أن بعضها أحاديث متخيلة تستحضر ضمير الأم لتسأله حول شؤون الحياة.

كما أذكر في هذا السياق أن هذه المنشورات حظيت برصيد من التعليقات والإعجاب من عموم الأصدقاء ومن الجمهور، وصارت أمي معروفة بهذه التلميحات لديهم.

 

هل تعتقد أن الكتاب المطبوع ما زال له جمهوره من القراء؟

نعم، لقد قضت التكنولوجيا على جمال الزمن الرائع، حيث كان للكتاب رائحة ندية تبعث على الراحة والقراءة، ولكن هذا الفضاء كان جريمة اعتداء على حق المؤلف وعلى حق الكتاب، فرقمنة الكتاب بصيغة pdf وطرحه للعامة بالمجان على الشبكة ليس إشاعة للمعرفة بقدر ما هو سرقة واعتداء، هي جريمة تشترك فيها أيضا الدول التي لم توفر الكتاب وفضاءات القراءة للناس، حتى صار الكتاب في مرحلة معينة شيئا من الترف، جريمة يشارك فيها الكتاب أيضا الذين يسمحون بمثل هذا الاعتداء، وجريمة يشارك فيها المستخدمون الذين صاروا يلهثون وراء الـ” pdf” مستغنين عن الورقي.

لكن حلاوة الكتاب في ورقه وصوت الأصابع وهي تقلبها وفي لونها ورائحتها التي لن تقضي عليها هذه “الرقمنة اللعينة”.

 

من الأصعب الكتاب العلمي أم الأدبي؟

Peut être une image de 1 personne et position debout

الكتاب العلمي أصعب لأنه يعتمد المعلومة الموثقة والمفهرسة والمحالة على هوامشها ومراجعها، وهذا يتطلب جهدا مضاعفا من الكاتب، جهدا في توليف المعلومات وجمعها وتنسيقها، وجهدا أكبر في نسبتها لأصحابها من دون إخلال أو وقوع في سرقة علمية، والأهم في كل ذلك هو خطة الكتابة أو فهرس المحتويات الذي يكون في الكتاب العلمي أشبه بمعادلة رياضية لها بداية ونهاية تتمثل في حل واضح ومتصف بالدقة والعلمية.

أما النص الأدبي حسب المؤلف سواء كان رواية أو قصة أو مجموعة من المقالات، فلابد أن تتوفر فيه اللغة الراقية والأسلوب الجذاب الذي لا يعتمد على ما كتب في المراجع بل حسب ما يدور في خيال الكاتب.

 

كانت لك أيضا تجربة في كتابة السيناريو، حدثنا عنها؟

أولا، إن كتابة السيناريو بالنسبة لي عشق لا ينتهي، حيث كانت لي تجربة في السينما

والتلفزيون، ففي مجال السينما، شاركت المخرجة والمنتجة نادية شرابي في معالجة فيلم “خلف المرآة”.

أما للتلفزيون فقد أعددت مجموعة من التمثيليات القصيرة في برنامج “فضاء الأنترنت”، كما أعددت فيلما قصيرا من 13 دقيقة تحت عنوان “مولود في الخامس جويلية” شاركت به في ورشات عربية، أما عملي الأهم فكان سلسلة اجتماعية دينية تحت عنوان “شعبان يصوم رمضان” سبق وأن عرضت في التلفزيون العمومي وعدد من الفضائيات.

حاء/ ع

 

مقتطف من كتاب “صريف الأقلام”

Peut être une image de une personne ou plus, livre et texte

الكسرة العجيبة واليدان الأعجب:

لماذا يتلذذ الأولاد بكسرة أمهم، ويعتبرونها أفضل من حلويات أرقى مخبزة في أشهر شارع بالعاصمة باريس.

ببساطة لأنها مبلولة بماء الحب، ومعجونة بزيت الحرص، ومطبوخة على نار الشوق، ومستوية على طبق الدعاء.

ولي معك يا كسرة أمي أروع القصص..

جلست إليها وهي تعجن خبزنا اليومي… كم جميلتان تلك اليدان وهما تدعكان في العجين دعكا يمزج بين القوة واللطف.

رغم مرضها تحرص حبيبة قلبي على إعداد الكسرة منذ أكثر من أربعين عاما، تصقلها مثل التمثال الرخامي، وترسمها مثل اللوحة الزيتية، وحين تطبخها على درجة الحرارة العالية لا تبالي بحرّ الشمس ولا ببرد الريح، حتى تخرج أقراصا بديعة تأكل كقطع البسكويت المشكلط .

احذر أصابعك حين تأكل كسرة أمي… فوالله الذي لا إله غيره، إنها لأشهى من فطائر الفراولة المطلية بمعجون الكريمة المعتقة.

تؤكل كسرة أمي مع الحليب صباحا، ومع الجلبانة المطبوخة وكأس اللبن البارد ظهرا، ومع البطاطا المقلية والدلاع البارد مساء، كما تؤكل الحلوى لوحدها في أي وقت وفي أي حين..

تؤخذ كسرة أمي زادا للمسافر، وترص في الحقائب مثل أغلى الهدايا، وتوزع كقطع القوفريط على الأولاد والأحفاد.

تسرق كسرة أمي سرقا….

فمن عثر على قصعتها، نظر يمينا وشمالا وسرق له قرصا وغادر في صمت كأنه يمشي على حبات البيض، كأنه فاز بعلبة شوكولاطة فاخرة جاءت لتوها من سويسرا.

وضعت لي أمي في الصباح كأس الحليب وأمامه طبقين أحدهما فيه من الحلويات ما لذ وطاب، والآخر فيه ما تبقى من قطع “صابحة” من كسرة الأمس..

استحيت مني وقالت في دفء: لم أخبز لك يا حبيبي اليوم فأنا مريضة…

حمدت الله على نعمة رؤيتها ثم قبلت تلك القطع ووضعتها على نار قليلة فإذا بها ألذ من أطيب الطيبات وأطيب من ألذ اللذائذ..

أمضغها وأنا مغمض العينين كأني أمارس طقسا شعائريا في معبد الحب…

لله درك يا أمي …

أي عالم سيحتويني لو تغادريني فأنهض ذات يوم ولا أعثر على بعض من فتات تلك الكسرة العجيبة…

ستكون الدنيا بطعم العلقم، حينها لن يبقى لي معنى واحد للوجود .

اللهم أدم نعمة كسرة أمي واطل في عمرها وعمر أمهات كل من يقرأ هذه الأسطر آمين.