أكد الدكتور لخضر منصوري من جامعة وهران، بدار الثقافة هواري بومدين في سطيف، في محاضرة عنوانها “المسرح العربي … الواقع والتحديات” ضمن تواصل برنامج الأيام المسرحية العربية الثانية، أن هناك القليل من المعلومات عن حركة المسرح العربي وهي موجودة في بعض المراجع الأجنبية.
وأكد الدكتور منصوري أن للمسرح العربي بدايتان، الأولى فطرية، والثانية قلدت التجربة الأجنبية، وأنه لم يبدأ في العواصم بل بدأ في المدن الداخلية الصغيرة، مثلا في العراق بدأ في الموصل، وانطلق من المقاهي كما في الجزائر وسوريا، وفي الكباريهات كما في العراق، وكان الممثل الأول هو كاتب النص وهو المخرج.
كما أوضح منصوري أن الفرق المصرية كان لها التأثير الفاعل في انتقاله إلى بقية الدول العربية، ويتميز المسرح العربي بتشابه في موضوعاته، وأزماته.
وقال المتحدث إن المسرح العربي ضاع بين النخبوية والتقليد وهذا ما أفقده بريقه وتحول في بعض الدول العربية إلى عمل تجاري مبتذل، وأضاف أن إشكالية المسرح العربي تكمن في غياب الهوية لأن الكثير من العروض المسرحية مستمدة من قضايا غربية ونصوص لا علاقة لها بجوانب الحياة العربية.
ودعا منصوري، في مداخلته، إلى أن يتجاوز المسرح مرحلة الهواية وأن يرتبط بالجهات الثقافية والسياسية والتربوية ويتم الاهتمام به بوصفه مشروع دولة، ويعتقد أن المسرح العربي ما زال يبحث عن نفسه في ظل ما يقدم من قضايا عربية.
وقال إنه لابد أن تكون المهنة المسرحية قائمة بذاتها ولها دور أساسي في تنمية المجتمع، مشيرا إلى اختفاء المسرح الجاد الذي صرف عن التركيز على قضايا مهمة في الساحة الخليجية مثلا، وأن “بعض الدول العربية التي لديها تاريخ مسرحي تعاني للأسف الشديد إجهاضاً حقيقياً لحركة المسرح”.
وتابع “المسرح بصورة عامة لم يعترف به بعد في المناهج التعليمية بوصفة صنفا من صنوف الأدب مثله مثل الشعر والقصة”، مشيرا في السياق ذاته إلى أنه حتى المهرجانات المسرحية أصبحت دورية روتينية إعلامية سياحية خاوية من المستوى والمحتوى.
والأكثر من ذلك أن العروض المسرحية التجريبية المقدمة حاليا في الوطن العربي تخريبية لانتهاجها بعدا فلسفيا مبالغا فيه وسريالية غير مقنعة.
وعاد الدكتور إلى تاريخ المسرح العربي وقال إن له بدايتان، الأولى كانت على يد مارون النقاش، وهو تاجر من مدينة صيدا بلبنان شاهد خلال رحلاته التجارية إلى إيطاليا المسرح فقرر نقله إلى بلاده وبنى مسرحا أمام منزله على غرار الذي رآه في أوروبا، وقدم أول عمل مسرحي عنوانه “البخيل” لموليير سنة 1847.
أما البداية الثانية، حسب الدكتور منصوري، فهي الأكثر جدية رغم نشأتها، والتي جاءت مقلدة للمسرح الأوروبي في المضمون والشكل، ورغم أنها كانت نقلاً يكاد يكون حرفياً إلا أن التلاقح مع نتاج الغرب لا يعتبر انتقاصا، لأن ظاهرة المسرح في الوطن العربي ليست منقطعة عن التجربة العالمية في المسرح.
وذكر المحاضر أن مجموعة كبيرة من المؤرخين قسّمت بداية المسرح العربي إلى المراحل التالية، المرحلة الأولى تمثلت في محاولات النقاش منذ عام 1847 حين اقتبس “البخيل” عن موليير، وقدمها عام 1848م بنفس الاسم، والمرحلة الثانية كانت عبارة عن الترجمات، حيث نقل شبلي ملاط مسرحية “الذخيرة” عن الفرنسية ومسرحية “شرق العواطف”، وكذلك ترجم أديب إسحاق مسرحية “راسين” لآندرو ماك، أما المرحلة الثالثة، فهي مرحلة بعث التأريخ الوطني العربي التي خلالها كتب نجيب الحداد مسرحية “حمدان” والتي استمدها من حياة عبد الرحمن الداخل، ثم جاءت المرحلة الرابعة وهي مرحلة الواقعية الاجتماعية، وتمثلت في كتابات جبران خليل جبران الذي كتب مسرحية “إرم ذات العماد” ومسرحية “الآباء والبنون” التي كتبها ميخائيل نعيمة سنة 1917.
حاء/ ع