على الرغم من غزارة الإنتاجات الدرامية العربية المقتصرة في أغلبها، على شهر رمضان من كل عام، إلا أن ظاهرة «النسخ الأجنبية» أو «الفورمات» حجزت مكاناً واهتماماً ملحوظين ليس فقط من قبل هواة الدراما التلفزيونية فحسب، وإنما من قبل شركات الإنتاج العربية التي انطلقت من دون تردد في التصدي لتنفيذ عدد من النسخ العالمية الناجحة لقناعاتها بحتمية تحقيق هذه الأعمال لهوامش ربح واسعة.
ويبرر اتجاه صنّاع الدراما ورواد الإنتاج الفني العربي عموماً إلى هذه النوعية من الأعمال المقتبسة، بضعف النصوص العربية المطروحة التي يغلب عليها فقر القصص وخلل الحبكة الدرامية، فضلاً عن دوران معظمها في دائرة الحكايات المكررة في عشرات الأعمال السابقة، على عكس أعمال النسخ الأجنبية التي تجند لصياغتها فرق كتّاب يشهد لهم بالكفاءة والخبرة الطويلة في الميدان.
ورغم كل هذه الاعتبارات، لم تسلم أعمال النسخ الأجنبية من فخاخ التكرار وانتقادات فئات واسعة من عشاق الدراما عموماً، لأسباب عدة، أبرزها عدم اختيار صناعها للوجوه المناسبة وضعف أداء البعض منهم للأدوار مقارنة بالنسخ الأصلية، أو تحديات معالجات بعض هذه النسخ التي لا يبدو لبعضها علاقة بقضايا المجتمعات العربية وأزماتها.
ويبرز مسلسل «سوتس بالعربي»، الذي عرض في رمضان الماضي، والمقتبس عن نسخة أمريكية، كآخر إنتاجات هذا الطقس الفني الجديد في الدراما وأحدث إطلالاته، إذ تدور أحداث العمل في واحدة من كبريات شركات المحاماة التي تضم عدداً من الشخصيات الطموحة والمتنافسة، الساعية نحو تحقيق طموحاتها في المجال برؤية تلفزيونية مغايرة وموضوعات «حداثية» ونسق سريع وجاذب يراهن على التشويق والمفاجآت.
من جانب آخر، استطاع مسلسل «غراند أوتيل» المقتبس عن نسخة إسبانية تحقيق النجاح المتوقع، الذي انسحب بدوره على مسلسل «طريقي» للفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب، والمأخوذ عن عمل كولومبي، فيما اقتبست فكرة مسلسل «حلاوة الدنيا» للنجمة هند صبري وظافر العابدين، من مسلسل مكسيكي ناجح. أما مسلسل «سكر زيادة» لنادية الجندي ونبيلة عبيد، فقدم نسخة كوميدية من أحداث مسلسل «الفتيات الذهبيات» الذي قدمته الدراما الأمريكية في فترة الثمانينيات.
ورغم موجة الانتقادات، لا تشكل تجربة استثمار نجاحات الأعمال الأجنبية في نسخ عربية عموماً تهديداً مباشراً «للكيانات الفنية المحلية»، لأنها وإن ضمنت التصدي لسرقة الأفكار الأصلية والتعدي على حقوق المؤلف التي بدأت تشكل ظاهرة «مقلقة» في الدراما العربية، فإنها تبرز اليوم كبديل مناسب يمكن لحكام العملية الإنتاجية التعويل عليه لاجتذاب الجمهور، في غياب نسخ عربية متفردة تراهن على ريادة المشهد الدرامي.
ب/ص