لم تتمكن من منافسة نظيرتها التركية والمكسيكية

الدراما العربية.. إرث عريق يبحث عن العالمية

الدراما العربية.. إرث عريق يبحث عن العالمية

بالاستناد إلى ما تمتلكه من إرث عريق، يلوح سؤال، هل استطاعت الدراما العربية أن تسير على نسق نظيرتها التركية والإسبانية والمكسيكية وحتى اليونانية وأن تتحول إلى علامة تجارية عالمية؟ أم لا تزال حبيسة حدود بلدانها، متجاهلة ما تحمله على ظهرها من إرث أصيل، وما أنتجته من أعمال لها «وزن ثقيل» في ميزان الدراما وعيون النقاد.

“الدراما العربية موسمية”، تلك حقيقة لا اختلاف عليها، فعلى مدار السنوات تعودت شركات الإنتاج على إخراج أثقالها في الموسم الرمضاني، الذي تحول مع مرور الوقت إلى أشبه بـ «سوق عكاظ الدرامي».

في الموسم الرمضاني الماضي، وصل الإنتاج الدرامي العربي إلى ما يقارب 174 عملاً، خرجت نسبتها الأعظم من مصر وسوريا ومنطقة الخليج، فيما بلغت التكلفة للإنتاج المصري الدرامي فقط لهذا العام (2022) ما يقارب ملياراً و200 مليون جنيه، لكن اللافت أن عملاً واحداً من هذه الأعمال لم يتمكن من ترك بصمة على الساحة الدولية، ولم يستطع التحرر من حدود المنطقة العربية، ليترك صداه في أي من الدول الأوروبية أو أمريكا أو المنطقة الآسيوية وغيرها، وهو ما تفوقت فيه «الدراما الأجنبية»، لتوسع بذلك المسافة الفاصلة بينها وبين العربية.

عناصر الإبهار

وفي الوقت الذي بقيت فيه الدراما العربية حبيسة حدود مناطق إنتاجها، استطاعت نظيرتها التركية التحرر والوصول لأكثر من 150 دولة حول العالم، بما فيها المنطقة العربية التي احتلت فيها مكانة عالية، وهو ما دعا البعض إلى اعتبارها جزءاً من «القوة الناعمة التركية»، بينما رأى فيها آخرون “سفيرة للثقافة واللغة التركية”.

وبحسب تقرير نشره موقع «تي ار تي عربي» أخيراً، يتوقع أن «تصل إيرادات تركيا من وراء مسلسلاتها إلى نحو مليار دولار بحلول عام 2023». ارتفاع الإيرادات عزاه البعض إلى «عناصر الإبهار» التي تتمتع بها الدراما التركية من حيث حرفية التصوير وبراعة اختيار المواقع، فضلاً عن استنادها إلى «المخزون الثقافي والتاريخي والحضاري التركي»، فيما استفادت هذه الدراما أيضاً من قوة صعود المنصات الرقمية التي فتحت أمامها أبواب العديد من دول العالم.

على النسق ذاته، سارت الدراما الكورية، التي مثلت جزءاً أصيلاً من «ثقافة الكي ـ بوب» وباتت تمثل «قوة ضاربة كورية»، فما يكاد أي عمل درامي أو حتى سينمائي يخرج إلى الوجود، حتى يحتل المركز الأول مباشرة، ولنا في مسلسل «لعبة الحبار» أو «سكويد غيم» (مثالاً)، حيث استطاع وفي غضون 4 أيام من ولادته، احتلال عرش قائمة الأكثر مشاهدة في الولايات المتحدة، بحسب ما ذكرته مجلة «فورشن» الأمريكية في تقرير لها.

تقليد

“الدراما العربية بشكل عام لم تكن فاعلة في العالم»، بهذا التعبير يحلل المخرج إياد الخزوز، أسباب عدم تمكن الدراما العربية من تجاوز حدودها نحو العالم، ويقول «يمكننا القول إن نسبة كبيرة من منتجي الدراما العربية يتابعون ما ينتج عالمياً ويقومون بتقليده سواء عن طريق الاستنباط أو الاستلهام، وتقديمه بقالب عربي، وفي حال كان العمل الدرامي يتناول قضية محلية، تكون المعالجة مبالغاً فيها أو مفتعلة إن صح التعبير، وهو ما يجعل هذا العمل بعيداً عن الحقيقة أو الواقع، وبالتالي لا يمكنه التأثير على الساحة العالمية”.

في السنوات الأخيرة، لعبت المنصات الرقمية سواء المستقلة أم التابعة للقنوات الفضائية دوراً في تحفيز عملية الإنتاج العربي، ومحاولة تحريره من حدود بيئته، وفي هذا السياق، تقول سارة الطارزي، رئيس الاتصال المؤسسي لمجموعة OSN لـ«البيان»: «الدراما العربية تمتلك المقومات المناسبة لأن تتفوق وأن تصل إلى العالمية»، وتقول: «بلا شك إن تمكين خطوات الدراما العربية نحو العالمية يحتاج إلى مزيد من الدعم حتى تتمكن من ترك آثارها لدى المشاهد الغربي»، منوهة إلى أنه «مع ظهور وتوسع المنصات الرقمية، فقد استطاعت الدراما العربية أن تبدأ بالانتشار خارج المنطقة العربية”.