يمكن القول إن الدراما الجزائرية تشهد تحولا غير مسبوق، برز بشكل خاص من خلال الأعمال التلفزيونية التي تعرض خلال شهر رمضان الحالي، سواء من حيث أعداد المشاهدات القياسية التي حققتها أو من حيث الجدل الواسع والنقد الكثيف الموجه لها.
وانقسم جمهور المشاهدين الجزائريين بشكل أدق، إلى جمهور يشيد بهذه الأعمال من حيث قوة الإخراج والنص ويرى أنها تصوّر فعلًا الواقع الاجتماعي الجزائري وتكشف خباياه ومحظوراته، وجمهور يرى أنها أعمال فنية بعيدة عن الحياة الحقيقية للجزائريين ولا تمسّ واقعهم، وأكثر من ذلك تهدّد قيمهم وتروّج للآفات الاجتماعية على غرار العنف والمخدرات.
ويعود انقسام المشاهدين لهذه الأعمال إلى عدة نقاط، فنجد أنه إلى جانب اختلافهم حول مدى تصوير قصص المسلسلات للواقع الجزائري والرسائل التي تحملها، اختلفوا حول مشاركة أسماء العديد من المؤثرين المثيرين للجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي في هذه الأعمال الدرامية وانتقاد الأدوار التي قاموا بتجسيدها. وفي بعض الأحيان، يتجاوز جدل الجمهور حول هذه النقطة بالذات الجدل حول العمل ككل، وهو ما حدث السنة الماضية عند عرض مسلسل “الدامة” الذي شهد مشاركة المؤثرة هناء منصور، التي أشعلت الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين من يرى أنها أتقنت الدور وأبدعت وبين من يرى أن ظهورها على التلفزيون ودخولها بيوت العائلات الجزائرية خطأ فادح ومحظور حسب تعبيرهم.
وينطبق الأمر نفسه على مسلسل “البرّاني” الذي شاركت فيه الممثلة الكوميدية المعروفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي باسم “يامنة” في دور فاطمة، الأستاذة الجامعية التي تعيش علاقة حب مع رجل مافيا وخادم أخيها، حيث هناك من اعتبرها فشلت في تأدية الدور تمامًا زيادة على عدم واقعية الشخصية التي تتقمصها.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، لعبت دور البطولة في المسلسل الدرامي “دموع لولية” الذي يعرض حاليًا، المؤثّرة نوميديا لزول، وهي ناشطة بشكل كبير على “الانستغرام”، وهي من الشخصيات المثيرة للجدل في الجزائر، لا سيما بعد دخولها إلى السجن ومكوثها فيه سبعة أشهر كاملة رفقة عدد آخر من المؤثرين بتهمة الاحتيال على الطلبة، ليتم تبرئتها لاحقًا وتعود بقوة.
إجمالًا نستطيع القول إن الدراما الجزائرية شهدت ولادة جديدة فعليًا، وتشهد تحولًا سريعًا من سنة إلى أخرى، ونجحت في جذب انتباه الجمهور الجزائري بقوة والعربي إلى حد ما، رغم انقسام هذا الأخير بين مؤيد للقضايا المطروحة وطرق معالجتها وبين منتقد لها.
ب-ص