الدخان … قاتل الإنسان

الدخان … قاتل الإنسان

إن حفظ النفس من مقاصد الشريعة، ومن الضرورات الخمس التي جاءت الشريعة بحفظها، فلا يحلُّ الاعتداء عليها من الذات ولا من الغير ” وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ” النساء: 29، 30، ” وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ” البقرة: 195، وهل يُتصَوَّر أن يقتُلَ الإنسانُ نفسه؟!. وأمَّا الأمراض التي يُسبِّبها التدخين فهي كثيرة ومتعدِّدة؛ فمنها: السرطان، والسُّل، وأمراض الفم والشفتين واللسان والأسنان واللوز، وأمراض الجهاز الهضمي والجهاز التنفُّسي، ويؤثر على القلب والأوعية الدموية، ويساعد على الإصابة بالجُلْطة القلبية، وهو أحد أسباب تصلُّب الشرايين، وله تأثير على النسل وتشوُّه الذرية. وأما الأضرار الأخلاقية فحدِّث عنها ولا حرج؛ من انحراف وتتبُّع لسكك الشيطان، وسوء الأخلاق إذا غابت عنه، وتجر غيرها من الكبائر؛ من إدمان وسرقة.

وأما الأضرار المالية والاجتماعية فهي كثيرة أيضًا ومتعددة، وأما مضاره الجمالية فشفة سوداء وأسنان صفراء وأخرى سوداء، ونَفَس كريه ومُنتن الرائحة، أما الأدلة على تحريم التدخين: من المعلوم أن الدخان لم يكن موجودًا في زمن النبوة؛ ولكن الشريعة جاءت بالنصوص والأصول العامة التي تندرج تحتها فرعيات كثيرة:

1 – فمنها قول الله تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ” البقرة: 172، ” يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ” المائدة: 4، ولا يختلف عاقلانِ أن الدخان من الخبائث؛ قال ابن باز رحمه الله: فأوضح سبحانه أنه لم يحلَّ لعباده إلا الطيبات، والدخان ليس من الطيبات؛ بل هو من الخبائث الضارة.

2- ومنها قول الله تعالى: ” وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ” الأنعام: 151، والفاحشة اسم لما تستقبحه النفوس، وهذا متحقِّق في الدخان.

3- وجاءت الشريعة بدفع ورفع الضرر؛ ففي سنن ابن ماجه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ”، فهذه قاعدة عامة في تحريم إلحاق الضرر بالنفس أو الغير، وثبت عن طريق الطبِّ والتجربة والواقع أن التدخين ضارٌّ بالصحة؛ بل وبشهادة من يصنعونه وينتجونه، وذكرت منظمة الصحة العالمية أن الوفيات الناتجة عن التدخين تصل إلى أكثر من ثلاثة ملايين شخص سنويًّا، فإذا تعاطاه الإنسان يكون قد أضرَّ بنفسِه وبغيره.

4- وجاءت الشريعة بتحريم الإسراف والتبذير وإضاعة المال ” وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ” الإسراء: 26، 27، ” وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ” الأعراف: 31. ولا شك أن شراء وشرب الدخان فيه إضاعة للمال؛ لأنه كطعام أهل النار لا يُسمِن ولا يُغني من جوع.

5- وجاءت الشريعة بحفظ النفس وتحريم قتل النفس أو الوقوع بها في التهلكة ” وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ” النساء: 29، ” وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ” البقرة: 195، والدخان يُسبِّب الأمراض المهلكة؛ كالسرطان والسُّل، فيكون المدخن بذلك يتعاطى أسباب الهلاك ويُعرِّض نفسَه لهذا السُّمِّ القاتل “وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا أَبَدًا”.