تاريخ وتراجم

الدارقطني

الدارقطني

أبو الحسن على بن عمر بن أحمد بن مهدى الدارقطني إمام من أئمة الحديث، من أهل بغداد، من الحفاظ الأفراد، والجهابذة النقاد، إمام دهره في أسماء الرجال، وصناعة التعليل، والجرح والتعديل، وحسن التصنيف والتأليف، واتساع الرواية، والاضطلاع التام في الدراية، وكان من صغره موصوفا بالحفظ الباهر، والفهم الثاقب، وكان عارفاً باختلاف الفقهاء حافظا لكثير من دواوين العرب، وتصدر في آخر أيامه لإقراء القرآن ببغداد.
الدارقطني مدرسة قائمة خرجت العديد من الحفاظ والعلماء، واحتل مكانة سامية ومنزلة رفيعة بين العلماء مما استوجب الثناء عليه تقديرا لعلمه وخلقه وفضله، فقصده طلبة العلم من كل حدب وصوب. كان رحمه الله أحد الأمناء الذين اختارهم الله للقيام بواجب تبليغ السنة والحفاظ عليها، والتمييز بين صحيحها وسقيمها، فصنف التصانيف النافعة إسهامًا في الوصول إلى هذه الغاية الشريفة، قال الإمام الحافظ الدارقطني رحمه الله: يا أهل بغداد لا تظنوا أن أحداً يقدر يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حي.
رحم الله أهل الحديث طافوا الدنيا لأجل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وميزوا صحيحه من سقيمه، وأسسوا العلم الذين لم يسبقهم إليه أحدٌ وهم علم الجرح والتعديل بعد أنّ سمع الإمام الدارقطني من شيوخ بلدته “بغداد” وأمعن في الأخذ عنهم، وعن القادمين إليها جريا على سنة السلف في ذلك، رحل إلى بعض الأقطار الإسلامية، ويظهر أنّه بدأ بالمدن المجاورة، فرحل إلى البصرة والكوفة، وواسط، والأُبلة، وذكر ابن نقطة أنّه ارتحل أيضًا إلى الأهواز، وخوزستان ثمّ ارتحل إلى الحجاز للحج، ثمّ رحل إلى الشّام، ومصر.
وتوفي الدارقطني ببغداد في سن الثمانين يوم الأربعاء 8 ذي القعدة سنة 385 هـ، ودفن بمقبرة باب الدير بالقرب من معروف الكرخي، وصلى عليه أَبو حامد الإسفراييني الفقيه، رحمه الله وأعلى في عليين درجته وأحسن في الفردوس مثوبته.