الداء الخبيث

الداء الخبيث

 

إن أكثر المدخنين إن لم يكن كلهم لا يمارون في ضرره، ولا يشكون في سوء أثره، بل إنهم يؤملون في تركه، ويسوفون بالإقلاع عنه، ويسعون في الخلاص منه، ولا أدل على ذلك من ازدياد الإقبال على عيادات مكافحة التدخين، فلهؤلاء حق علينا أن نعينهم، ونأخذ بأيديهم، وأن نجتهد بالدعاء لهم كي يتخلصوا من هذا الداء ويعيشوا كغيرهم سعداءَ. فيا من ابتليت بهذا الداء الفتاك، تذكَّر أن الله يراك، تذكَّر أن الله أمرك ونهاك: ” فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ” النساء: 65، ” وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ” الأحزاب: 36. يا من ابتليت بهذا الداء القاتل تذكَّر أن الله هو القائل: ” وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ” النساء: 29، 30.

يا من ابتليت بهذا الداء المهلك تذكَّر نهي ربك: ” وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ” البقرة: 195. يا مَن ابتُليت بهذا الداء السام تذكَّر قوله عليه الصلاة والسلام: ” من احتسى سمًّا فقتل نفسه، فسمُّه بيده يتحساه في جنهم خالدًا مخلدًا فيها”. يا مَن ابتُليت بتبذير مالك وصحتك وعمرك من أجل الدخان، ” إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ” الإسراء: 27. يا مَن ابتُليت بهذا الداء المؤذي لأهلك ومَن حولك اسمع لقول ربك: ” وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ” الأحزاب: 58. وهمسة في أُذن كل مَن عزَم على تركه لله، اعلَم أنك ستجد بعض المشقة في أول الأمر، لكنها سرعان ما تزول؛ قال الإمام ابن القيم رحمه الله: “إنما يجد المشقة في ترك المألوفات والعوائد من تركها لغير الله، أما مَن ترَكها مخلصًا من قلبه لله، فإنه لا يجد في تركها مشقة إلا في أول وهلة، ليُمتَحنَ أصادقٌ هو في تركها أم كاذب، فإن صبر على تلك المشقة قليلًا استحالت لذة”، قال تعالى: ” وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ” العنكبوت: 69.