خلق الوقار؛ ذلكم الخلق العظيم الذي تشتد الحاجة إليه في هذا الزمان، الذي كثرت فيه المحن والفتن، والهجر والقطيعة، والصراعات والنزاعات. وإنّ مِنَ الوقار الذي نحتاج إليه: الوقار مع الناس. نحتاجُ إلى أن نتخَلقَ بخُلقِ الوَقارِ مع الناس أجمعين، فنحنُ في زَمنٍ لا يُوقر فيه الصغيرُ الكبيرَ، ولا الكبيرُ الصغيرَ، لا تُوَقر فيه الأنفسُ ولا الأعراض ولا الأموال. فلقد خلق الله البشر؛ لا ليتصارعوا ويتقاتلوا، ولا ليتهاجروا ويتدابروا، وإنما ليتعاونوا ويتآزروا، ويتناصحوا ويتعارفوا. قال سبحانه ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ” الحجرات: 13.
– ومن توقير الناس واحترامِهم: عدَمُ التكبّر والاستعلاءِ عليهم؛ فالمؤمن لا يتكبر على أحد ولا يستعلي على أحد، لأن الله تعالى لا يحب من كان مختالا فخورا، وقد وصف الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين في تواضعهم، فقال سبحانه ” وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ” الفاتحة: 63. أي يمشون بسكينة ووقار وتواضع، لا يضربون بأقدامهم، ولا يَخفقون بنعالهم بطراً وتكبرا، وإنما يمشون بين الناس بتواضع وسكينة ووقار، استجابة لأمر الله سبحانه ” وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ” الإسراء: 37، 38.
– ومن توقير الناس واحترامِهم: عدَمُ أذيتهم بقول أو فعل؛ فصاحب الوقار لا يؤذي أحدا، لا بلسانه ولا بفعله ولا بنظره ولا بتخطيطه، فإن الله تعالى قد توعّدَ الذين يؤذون عباده المؤمنين ويظلمونهم بأشد الوعيد، فقال سبحانه ” وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ” الأحزاب: 58.
– ومن توقيرِ الناس واحترامِهم: توقيرُ الأنفس والأموال والأعراض؛ فلا يحق لأحد أن يعتدي على الناس في أنفسهم بإزهاقها، ولا في أموالهم بسلبها، ولا في أعراضهم بهتكها. فقد قال عليه الصلاة والسلام: “كُلّ المسلمِ على المسلمِ حَرام؛ دمُهُ ومالهُ وعِرضُه”.
موقع إسلام أون لاين