الخبير الاقتصادي كمال رزيق في حوار مع “الموعد اليومي”: ”الأوبك مطالبة بخفض الإنتاج مجددا لرفع أسعار النفط”

 أكد الخبير الاقتصادي، كمال رزيق، أنه إذا أرادت الدول المنتجة للنفط من داخل منظمة الأوبك

وخارجها رفع أسعار النفط أكثر مما هي عليه الآن في الأسواق العالمية، عليها أن تتفق مرة أخرى على خفض الإنتاج أكثر من 1.8 مليون برميل يوميا، كما دعا المتحدث في حوار جمعه بـ ”الموعد اليومي” الحكومة لمنع الاستيراد بأموال الدولة خارج السلع الأساسية قائلا: ”من يرد أن يستورد عليه القيام بذلك بأمواله الخاصة”، معتبرا أن الاستيراد العشوائي سيضاعف عجز ميزانية الدولة.

 

– بداية، كيف تقيمون مدى التزام الدول المنتجة للنفط بخفض الإنتاج بعد مرور أشهر على الاتفاق؟

*لحد الآن الأعضاء المنتجون للنفط من داخل منظمة أوبك وخارجها ملتزمون جيدا بالاتفاق، ولاحظت مؤخرا أن اللجنة المكلفة بمتابعة خفض الإنتاج نشرت تقريرا إيجابيا اعترفت فيه بالتزام جميع المنتجين بنسبة 90 بالمائة، الأمر الذي جعل أسعار البترول تتراوح ما بين 50 إلى 55 دولارا، وبالتالي نستنتج أن الاتفاق اُتخذ شهر نوفمبر من سنة 2016، لكن مفعوله بدأ منذ ديسمبر إلى غاية الشهر الحالي.

 

-هل تعتبرون أن أسعار النفط حاليا إيجابية، سيما و أن التوقعات الأولية بعد الاتفاق كانت تشير إلى أن الأسعار سترتفع أكثر مما هي عليه الآن؟

*طبعا، فمتوسط السعر الحالي إيجابي مقارنة بما كان عليه قبل اتفاق المنتجين على خفض الإنتاج، صحيح أن السعر الحالي لا يتماشى مع التوقعات الأولية، لكن بعض الدول كانت تسعى من خلال توقّعاتها إلى تحقيق مكاسب أكثر مما هي عليه الآن، كما لا يجب أن ننسى أن الولايات المتحدة الأمريكية عملت ما بوسعها من أجل إغراق السوق لكنها فشلت نوعا ما لأن متوسط الأسعار فوق الـ 50 دولارا،

وهذا نتيجة التزام 14 دولة من الأوبك و11 دولة من خارجها.

 

-مقارنة بشهر فيفري الذي وصل فيه سعر النفط إلى 57 دولارا للبرميل، يشهد سعر هذا الأخير منحى تنازليا، ما هو تفسيركم لذلك؟

*هذا أمر طبيعي لأن بورصة النفط تتغيّر واتفاق الأوبك يمتد لـ 6 أشهر أي إلى غاية جوان القادم، إنتاج النفط كان يقارب الـ 2 ملايين برميل يوميا

والاتفاق خفّضه إلى 1,8 مليون برميل، وهناك عامل آخر ومهم يتحكم في الأسعار والعرض والطلب

وهي الفصول السنوية، فمثلا في فصل الشتاء يكون الطلب كبيرا على الغاز والبنزين، فمن الطبيعي أن ترتفع الأسعار، لكننا الآن في فصل الربيع ونتجه نحو فصل الصيف، وهو ما يقلل من الطلب على هذه المادة، وحاليا الطلب على النفط تراجع والعرض ارتفع، وهو السبب الذي جعل الأسعار في منحى تنازلي نوعا ما.

 

-حسب رأيكم، ما هي السبل التي تمكّن من رفع الأسعار في الوقت الراهن؟

*أمر بسيط جدا، لكنه يحتاج إلى إرادة فعلية وتطبيق ميداني من طرف منتجي النفط من داخل الأوبك و خارجها، فإذا أرادت هذه الدول أن ترفع الأسعار

لابد عليها أن تتفق مرة أخرى على تخفيض ثان للإنتاج، لأن النفط سلعة مرتبطة بالعرض والطلب، وتقليل الإنتاج يسمح بالتحكم في هذا الأخير، أما إذا لم تتفق على تخفيض الإنتاج مرة أخرى، فالطلب سيقل على العرض والأسعار ستنخفض قليلا في هذه الأشهر أو على الأقل.

 

-هل تعتبرون مواصلة الاتفاق بنفس التخفيض أمرا إيجابيا؟

*المحافظة على اتفاق الأوبك لـ 6 أشهر أخرى أمر إيجابي ويعد إنجازا في حد ذاته لأن المنتجين من الأوبك لم يتفقوا منذ 8 سنوات ومن خارجها منذ 11 سنة، لكن مواصلة الاتفاق على نفس المنوال الحالي لا تؤدي إلى رفع الأسعار في السوق لأنه وكما ذكرت سابقا الطلب قليل مقارنة بفصل الشتاء، و بالتالي إذا أرادت الأوبك تخفيض الإنتاج مرة أخرى، ستحافظ على الأسعار، أما إذا بقي الاتفاق الأول ساري المفعول دون خفض ثاني للإنتاج، فالأسعار سوف تنخفض.

 

-الجزائر تعتمد ميزانية 2017 على أساس سعر 50 دولارا للبرميل، ما هي العواقب التي تنجم عنها إذا نزل السعر إلى أقل مما هو عليه الآن؟

*في الحقيقة 50 دولارا للبرميل لا يحقق التوازن المالي لميزانية الدولة لسنة 2017، لأن الميزانية تم إعدادها على أساس عجز موازني بـ15 مليار دولار أي بنسبة 8 بالمائة، وبالتالي كلّما تراجع سعر النفط تحت الـ 50 دولارا سيتضاعف هذا العجز، والعجز سيحسب نهاية السنة لأن شهر جانفي وفيفري ومارس، أفريل متوسط حصة البترول أكثر من 50 دولارا، وعندما تنخفض الأسعار في جوان أو جويلية يمكن أن يمتصه الفائض الذي تحقق خلال الأشهر الأولى من هذه السنة، يعني يمكن أن نصل مع نهاية 2017 بمتوسط سعر ما بين 50 إلى 55 دولارا، فإذا تراوح في حدود الـ 50 سنكون أمام عجز موازني يقدر بـ 15 مليار دولار، أما إذا انخفض أكثر مما هو متوقع فسينتج عنه مشكل كبير بالنسبة للحكومة لأنها تسير على موازنة 2017 وتسيرها بحذر كبير، و أريد أن أضيف أمرا مهما…

– تفضل…

*بالإضافة إلى ما ذكر سابقا، ستضطر الحكومة إذا لم يرتفع النفط بشكل جيد اللجوء إلى صندوق الإرادات أو الصندوق الذي تتوفر فيه الـ 110 مليار دولار و نمتص منه النقص الذي تمخض عن عجز الميزانية، و هنا ستجد الحكومة نفسها في مأزق كبير لأن الوزير الأول سبق وأن وعد أن الصندوق لن يتراجع تحت الـ 100 مليار دولار، غير أن الواقع الحالي يشير إلى أن كلام الحكومة بدأ يتغير وهناك إمكانية ليصبح في حدود الـ 90 مليار دولار.

 

-ما هي الإجراءات التي يجب أن تتخذها الحكومة في هذه الحالة؟

*كما هو متعارف عليه، فالإشكال الكبير الذي يؤرق الحكومة هو إيجاد العملة الصعبة خارج المحروقات لمجابهة متطلبات عمليات الاستيراد، السنة الماضية استوردنا أكثر من 47 مليار دولار ، وكنا نأمل هذه السنة أن تتراجع الفاتورة إلى 30 مليار دولار لتخفيض التوازن بين ما يُصدر من البترول و يتم استيراده سلعة وخدمات وهكذا نخرج من عنق الزجاجة، لكن وللأسف الشديد تراجع الحكومة في الأيام القليلة الماضية عن منع الاستيراد بالرغم من تحديدها لكوطة الاستيراد و المنتوجات التي تستوردها، وبالتالي سيصعب هذا القرار جمع العملة الصعبة و الحكومة لا تستطيع مجابهة ميزان المدفوعات بالـ 50 دولارا لإعداد الميزانية و لا تستطيع أن تجابه ميزانية الدولة بخصوص الجباية البترولية، لذلك أعتقد أن التسيير الحالي من طرف الحكومة خاصة في الموارد المالية يجب أن يكون بتحفظ واحتياط.

 

-لكن الحكومة حددت كوطة الاستيراد وليس كما كان عليه الحال في السابق؟

*نحن لسنا ضد الاستيراد، لكن إذا أراد شخص أن يستورد منتوجا ما، فيجب أن يكون ذلك بأمواله الخاصة وليس بأموال الشعب من أجل الحفاظ على العملة الصعبة لاستيراد الضروريات فقط من المواد الأولية أو السلع والمنتوجات الأساسية.

 

-بماذا تطالبون الحكومة؟

*نطالب الحكومة بإلغاء اتفاقها مع الاتحاد الأوروبي لأنه اتفاق مجحف ويخدم الطرف الأوروبي أكثر مما يخدم الجزائر، لأنهم يستفيدون منا بـ 200 مليار، و نحن لم نستفد منهم فيما يخص التصدير خارج المحروقات إلا بـ 5 ملايير على أكثر تقدير.

حاوره: عبد الرحمان تاجر