مع دخــول موســم البـرد.. تحذيرات من مخــاطر الــقاتل الصامت
أطلقت المديرية العامة للحماية المدنية حملة للتقليل من مخاطر الاختناقات بالغاز، وتأتي هذه الحملة بهدف اتخاذ جملة من الإجراءات التي من شأنها – على الأقل _ التقليل من حوادث الإختناق بالغاز التي يرى بصددها العقيد عاشور فاروق المدير الفرعي للإحصائيات والإعلام “أن الحصيلة مرتفعة، حيث سجلت السنة الماضية وفاة 134 شخصا”، ومن جهتها اتخذت وزارة التجارة إجراءات وقائية استباقية لمراقبة مختلف أجهزة التدفئة سواء المستوردة أو المحلية ومدى مطابقتها لشروط السلامة.
ويرى في هذا الخصوص سامي القلي مدير الجودة والاستهلاك بوزارة التجارة “أنه أصبحت لدينا عمليات استباقية قبل عرض المنتوج على السوق، فنصدر الحكم على جودته من عدمها واليوم نستطيع القول بأننا قضينا على هذه الظاهرة نوعا ما”.
والشيء الجديد هذه المرة هو التشغيل التدريجي للمخبر الوطني للتجارب بسيدي عبد الله الذي سيستقبل كامل الأجهزة التي ستخضع للتجربة في الميدان.
ودعا المتحدث المواطنين إلى التأكيد على حقوقهم في مجال أمان أجهزة التدفئة، ومنها حقهم في الحصول على شهادات الضمان والمطابقة المتعلقة بالأجهزة، مذكرا أن هذا الأمر “لضمان سلامتهم”.
الباعة.. ليسوا المتهم الوحيد
لتسليط الضوء على ظاهرة الاختناقات التي تتكرر كلما حل موسم البرد، قامت “الموعد اليومي” بهذا الاستطلاع ونقلت آراءً عبرت في مجملها عن مخاوفها رغم توخيها الحيطة والحذر ….تقول “ليلى” ربة بيت وأم لطفلين لـ “الموعد اليومي”: “حدث أن اقتنيت من أحد محلات بيع الأجهزة الكهرومنزلية، مدفأة تشتغل بالغاز الطبيعي، انبهرت بجمال شكلها، الذي يشبه لوحة فنية …. ماجعلني أحسم في الأمر وأحملها على شاحنة صغيرة في لمح البصر.. أتذكر يومها أن صاحب المحل عرض علي جهازين، ونصحني باقتناء الأغلى ثمنا لكنني رفضت وفضلت الأرخص، بعد أن لاحظت الإقبال الكبير عليه، لأكتشف في نهاية المطاف أنه من النوعية الرديئة، التي اكتسحت وللأسف أسواقنا لأنها ببساطة لا تتوفر على أدنى المواصفات العالمية”.
واستطردت “ليلى” حديثها قائلة: “أتمنى أن يتحلى أصحاب محلات بيع وسائل التدفئة بقدر من الأخلاق الحميدة مثلما هو الشأن مع صاحب المحل الذي اشتريت من عنده المدفأة، حيث أفادني بنصائح هامة وإرشادات قيمة، مكنتني من تجنب مأساة وشيكة الحدوث …”
أعين الرقابة.. حامي المواطنين
وتضيف “ليلى” يزداد الأمر خطورة حسب قولها إذا ما علمنا أن البعض منهم همهم الوحيد تسويق بضاعتهم من أجل تحقيق الأرباح، ولا يهمهم أبدا ما قد يحدث جراء استخدام النوعية الرديئة وما تخلفه من كوارث تتسبب عادة في حصد الكثير من الأرواح البشرية، أما سامية معلمة في الإبتدائي، فقد خالفتها الرأي قائلة: “إن مثل هذه الحوادث المميتة التي تتكرر سنويا لا يجب أن نرجعها إلى ضمائر الباعة فقط وإنما إلى مصالح الرقابة التي تقع على عاتقها مسؤولية قمع الغش، بمراقبة المنتوجات سواء المستوردة من الخارج أو المصنعة محليا بطرق غير قانونية، بعيدا عن أعين الرقابة”.
وأضافت سامية قائلة :”على الزبائن اتخاذ الاحتياطات اللازمة باقتناء مدافئ ذات النوعية الجيدة، ويأتي بعد ذلك دور الصيانة المنتظمة قبل استخدامها مع حلول فصل الشتاء، وهنا يستدعي الأمر الاستعانة بتقني متخصص في هذا المجال لتنظيفها
و فحصها بهدف التأكد من خلوها من العيوب، مع ضرورة إنجاز منافذ تهوية لتصريف الغاز المحترق من المدفأة”. وأكدت سامية في نفس الوقت على ضرورة اتباع النصائح والإرشادات التي يقدمها أعوان الحماية المدنية عبر شاشة التلفزيون في حالة حدوث اختناقات.
الإهمال فاقم الوضع
كثيرا ما تحدث الاختناقات بسبب إهمال يصدر عن أحد أفراد العائلة، وخير دليل ما قصه علينا عبد الكريم بشأن حادثة وقعت لأحد جيرانه في باب الوادي منذ ست سنوات في فصل الشتاء، والتي أودت بحياة ستة أفراد من عائلة واحدة، الذين ناموا دون أن يتفطنوا لفتح منفذ التهوية، فحدثت الكارثة.
وفي هذا السياق، دعا المتحدث إلى ضرورة التقيد بالنصائح التي تطلقها مديرية توزيع الكهرباء والغاز بفتح منافذ لتهوية المنزل بهواء نقي، وأنها بقيت تتذكر تلك الحادثة المأساوية التي ألمت بجيرانها، وأصبحت لا تغفل أبدا عن تفقد جميع الأجهزة التي تعمل بالغاز الطبيعي قبل خلودها إلى النوم.
ويرى عبد الكريم أن الحل الأمثل للتخفيف من هذه الكوارث يتمثل في تكثيف الحملات التحسيسية عبر وسائل الإعلام خاصة الإذاعة والتلفزيون، كون وقعهما يكون أكثر تأثيرا، بحكم أن تكرار العملية التوعوية يساهم في ترسيخ هذه النصائح في الأذهان، دون أن نغفل دور جمعيات الأحياء التي يجب ألا يقتصر دورها على النظافة فقط.
الرصّاص المحترف.. المنقذ من الخطر
أثار أحد الرصاصين مشكلا لا يقل خطورة عما ذكرناه سابقا، ويتعلق الأمر باختيار رصاص ذي كفاءة، معروف بإتقان مهنته وفي هذا الصدد حذر “مرزاق .م”، يمارس مهنة الترصيص يقول: “أصبح في زماننا هذا من دب وهب يدّعي بأنه رصاص إلا أن الحقيقة عكس ذلك تماما، فقد تجده غير ملم بأبجديات هذه المهنة، فيتجرأ ويركب تجهيزات التدفئة بطريقة خاطئة كثيرا ما تؤدي إلى تسربات، تتجلى عادة في حالات الوفيات الناجمة عن استنشاق غاز ثاني أكسيد الكربون، تطلعنا عليها الصحف طيلة فصل الشتاء وهو موسم يميزه البرد القارس، فيزداد الإقبال فيه على أجهزة التدفئة”.
وألحّ مرزاق في سياق حديثه على ضرورة مراعاة هذا الجانب باختيار رصاص مشهود له بإتقان العمل والإخلاص في أدائه، ليتم تركيب المدفأة بطريقة آمنة، تراعى فيها جميع شروط الأمن والسلامة .