مع أسماء الله الحسنى

الحليم

الحليم

ومن أسماء الله الحسنى التي وردت في الكتاب والسنة الحليم، قال بعضهم ذكر هذا الاسم في كتاب الله إحدى عشرة مرة، قال تعالى: “وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ” البقرة: 235. وقال تعالى: ” قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ” البقرة: 263. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: “لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ”. قال ابن جرير: حليم ذو أناة لا يعجل على عباده بعقوبتهم على ذنوبهم، وقال الخطابي: هو ذو الصفح، والأناة الذي لا يستفزه غضب، ولا يستخفه جهل جاهل، ولا عصيان عاص. ولا يستحق الصافح مع العجز اسم الحلم، إنما الحليم هو الصفوح مع القدرة والمتأني الذي لا يعاجل بالعقوبة، وإن سألت عن حلمه، فهو الحليم الذي قد كمل في حلمه، فله الحلم الكامل الذي وسع السماوات والأرض. وسع حلمه أهل الكفر والفسوق والعصيان، حيث أمهلهم ولم يعاجلهم بالعقوبة، بل يعافيهم ويمهلهم ليتوبوا فيتوب عليهم، إنه هو التواب الرحيم. وهو يتحبب إليهم بالنعم مع كمال غناه، ولو شاء لأخذهم بذنوبهم فور صدورها منهم، ولكن حلمه سبحانه هو الذي اقتضى إمهالهم. قال جل جلاله: ” وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا ” فاطر: 45. ولولا حلمه ومغفرته، لزلزلت السماوات والأرض من معاصي العباد. فقد قال الله تعالى: ” إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ” فاطر: 41.