الحصاد الرياضي.. إنجازات تدعم شعور الفخر الوطني

الحصاد الرياضي.. إنجازات تدعم شعور الفخر الوطني

كانت الرياضة الجزائرية في 2024 على موعد مع العديد من الانتصارات وإنجازات صنعها أبطال تألقوا في مختلف المنافسات والاختصاصات، منها ثلاث ميداليات أولمبية (ذهبيتان وبرونزية) تحققت خلال الألعاب الأولمبية بباريس، تاركة انطباعا بمستقبل مشرق لقطاع ظل مترنحا يبحث عن انطلاقة جديدة.

من ألعاب القوى إلى الجمباز، مرورا بالملاكمة والجيدو والرياضات المائية (التجديف والكانو-كاياك)، كان الجهد الجماعي والإنجازات الفردية شاهدة على التطور المسجل للرياضة الوطنية خلال العهدة الأولمبية الفارطة (2020-2024).

 

نمور الجمبازية المعجزة

Je ne reviendrai pas en équipe de France" assure Kaylia Nemour, championne olympique de gymnastique - France Bleu

وكانت الجمبازية الشابة كايلية نمور إحدى الاكتشافات الكبرى لألعاب-2024 بإحرازها ميدالية المعدن النفيس للعمودين غير المتوازيين. لقد أبهرت ابنة 17 عاما الجميع بأدائها الباهر لتجمع بين الأناقة والفنيات والقوة. هذا الفوز التاريخي يجسد أول ميدالية أولمبية جزائرية في رياضة الجمباز، ويلحق نيمور بنادي أحسن الجمبازيات في العالم.

كيليا نمور (17عاماً) التي كانت قد توجت بأول ميداليات الجزائر في دورة باريس 2024، كما هي الأولى للعرب والقارة الإفريقية في هذه الرياضة بتاريخهم في الألعاب الأولمبية، وضمن تخصص يُعتبر حكراً على بعض الدول فقط، مثل الولايات المتحدة الأمريكية والصين، لكن ما خطف الأضواء في تتويج كيليا نمور ليس الميدالية الذهبية، بل أنها ردت من قلب العاصمة الفرنسية على مسؤولي منتخب الديوك الذين خلقوا لها صعوبات كبيرة عندما تعرضت لإصابة وكانت تمثل المنتخب الفرنسي، قبل أن تغير جنسيتها الرياضية وتتنافس تحت الراية الجزائرية، حتى أن الإعلام الفرنسي لم يتردد بالاعتراف أن البلاد خسرت بطلة من ذهب قادرة على كتابة التاريخ مستقبلاً، عطفاً على موهبتها وصغر سنها.

 

إيمان تؤمن بقدراتها الرائعة

JO 2024 : Imane Khelif décroche l'or à Paris | Radio Algérienne

وفي الملاكمة، خطفت إيمان خليف (25 عاماً)، الأضواء في باريس، بعدما حصدت الميدالية الذهبية، إثر فوزها على الصينية يانغ ليو، في منافسات السيدات ضمن فئة أقل من 66 كيلوغراماً، والتي جاءت بعد أن أثارت جدلاً كبيراً في تلك التظاهرة الرياضية، بسبب كلّ الذي أحاط بها من جدل في وسائل الإعلام العالمية ومواقع التواصل الاجتماعي، طوال دورة الألعاب الأولمبية، إثر الحملة الشرسة التي تعرضت لها من قِبل بعض المشاهير الذين شككوا في جنسها. ودخلت الملاكمة الجزائرية المنافسة بقوة، بحيث تجاوزت في بداية الأمر منافستها الإيطالية، أنجيلا كاريني، في ظرف 46 ثانية فقط بالدور السادس عشر، ثم تغلبت على حساب المجرية آنا لوكا هاموري، في الدور الربع النهائي، قبل أن تتمكن من الإطاحة بالملاكمة التايلاندية جانافاغ سوانافاغ، في الدور نصف النهائي، ومن الانتصار على يانغ ليو في المشهد الختامي، لتحرز الميدالية الذهبية الأولى للملاكمات العرب في تاريخهن بدورة الألعاب الأولمبية.

 

سجاتي يعيد إلى المسافات نصف الطويلة بريقها

Sedjati : "Fier de cette médaille que je dédie à toute l'Algérie" | Radio Algérienne

من جانبهم، أراد الرجال أيضا أن يسجلوا حضورهم في هذا الحدث العالمي من خلال رياضيين موهوبين في اختصاص لطالما جلب للجزائر الكثير من الرضى والافتخار والنتائج الكبيرة حتى الآن.

ويتعلق الأمر هذه المرة بعداء المسافات نصف الطويلة، جمال سجاتي، الذي منح الجزائر ميدالية برونزية ثمينة في سباق 800م، بعد سباق اتسم بالتنافس الشديد أبان فيه مستواه العالي وأثبت قدرته البدنية للصعود على منصة التتويج، مؤكدا مكانته كواحد من أحسن اختصاصي السباقات نصف الطويلة في العالم.

ورغم أنّه اكتفى بالميدالية البرونزية في سباق 800 متر خلال الألعاب الأولمبية الصيفية، إلا أن ذلك لم يمنعه من أن يكون عنواناً للجدل في أولمبياد باريس 2024، فبعد دقائق قليلة فقط من نهاية السباق الذي حلّ فيه ثالثاً، سارعت تقارير إعلامية فرنسية إلى التأكيد أن غرفة البطل الجزائري ومدربه بنيدة عمار قد تعرّضت للتفتيش من الدرك الفرنسي ولجنة مكافحة المنشطات، ما زاد المخاوف إن كان سجاتي قد تناول إحدى المواد المحظورة، التي ربما تضعه في ورطة أمام الهيئات الرياضية الدولية، لكن التوضيح جاء سريعاً بعد ذلك من اللجنة الأولمبية الجزائرية ثم من العداء نفسه، الذين وجهوا رسالة اطمئنان إلى الجماهير، وأكدوا أن ما حدث مجرد إجراء روتيني عاشه الكثير من رياضيي الدول الأخرى في القرية الأولمبية.

وسمحت الميداليات الأولمبية الثلاثة للجزائر باحتلال المركز الـ 39 في الترتيب العام، وهي نتيجة تعادل من حيث الحصيلة، الرقم القياسي لألعاب أطلنطا-1996 (المركز 34)، لما أحرزت الجزائر على ذهبيتين بفضل نور الدين مرسلي (1.500م) والملاكم المرحوم حسين سلطاني (أقل من 60 كلغ)، بالإضافة إلى برونزية الملاكم محمد بحاري (أقل من 75 كلغ).

والأكيد أن إنجازات نيمور، خليف وسجاتي جاءت لتدعم شعور الفخر الوطني والتلاحم لقيم الرياضة والتي ستبقى راسخة في الذاكرة وستكون إلهاما للأجيال القادمة.

 

ذوو الهمم في الموعد دائما وأبدا

رئيس الجمهورية يُكرّم الأبطال البرالمبيين الذين شرّفوا الجزائر | الإذاعة الجزائرية

ومثلما جرت العادة كان رياضيو ذوي الهمم في الموعد مع التألق، فخلال مشاركتهم في الطبعة الـ 17 للألعاب البارالمبية، حصدت الجزائر بفضلهم 11 ميدالية (6 ذهبيات و5 برونزيات).

وتوج بالمعدن النفيس كل من: عثماني اسكندر جميل في اختصاصي (100 م و400 م/T13)، إضافة إلى صفية جلال (رمي الجلة/F57)، نسيمة صايفي (رمي القرص/F57)، عبد القادر بوعامر في الجيدو (-60 كلغ،J1) وإبراهيم قندوز (200 متر في الباراكانوي الكانوي كايك / KL3).

أما البرونزيات الخمس فقد كانت من نصيب كل من: نسيمة صايفي (رمي الجلة /F57)، أحمد مهيدب (رمي الصولجان /F32)، حمري ليندا (القفز الطويل/F12)، ولد قويدر إسحاق (جودو/-60 كلغ/ د2) وحسين بتير (الحمل بالقوة/ 65 كلغ).

وبوفد يتكون من 26 رياضيا (18 رجلا- 8 سيدات)، أنهت الجزائر مشاركتها البارالمبية في المركز الـ 25 من أصل 186 دولة مشاركة في جدول الترتيب، متصدرة بذلك الدول العربية والإفريقية.

هذا، وعرفت سنة 2024 أيضا، تألق الرياضيين الجزائريين في الألعاب الإفريقية بالعاصمة الغانية (أكرا) في مارس الماضي حيث حصدوا 114 ميدالية، منها 29 ذهبية، 38 فضية و47 برونزية والعديد منهم من المواهب الشابة، لينهوا المنافسة في المركز الرابع.

وكان لبعض الرياضات الأخرى ظهورا مقبولا جدا خلال السنة، سجل فيه الرياضيون الجزائريون تحسنا معتبرا خاصة في الدراجات بفضل نادي “مدار- برو”، الذي فاز باللقب الإفريقي للاتحاد الدولي للدراجات/أفريكا، بعد تقديمه لموسم ممتاز ضمن الكوكبة العالمية.

وجاءت انتصارات فريق “مدار-برو” بواسطة دراجين موهوبين على غرار نسيم سعيدي المتوج بطواف الجزائر-2024 وحمزة يسين الذي تألق في عدة مراحل في منافسات دولية في أوروبا وآسيا.

ويضاف إلى كل هذه النتائج الحضور النوعي للرياضيين الجزائريين في المنافسات القارية والدولية، حيث توج العديد منهم بألقاب تؤكد المكانة المشرفة للرياضة الجزائرية. فالنتائج المسجلة خلال سنة 2024، جاءت لتعكس الطاقة الكبيرة للرياضة الجزائرية والقدرات الهائلة لرياضييها.

هذه الانتصارات والنتائج من شأنها أن تشجع الرياضيين ليضعوا نصب أعينهم أولمبياد لوس أنجلس-2028 بالولايات المتحدة الأمريكية.

ص\ب