إن العمل يفيد الإنسان وينفعه، ويعلي قدره ويرفعه، وإن تمْييز الأعمال وتصنيفها ما بين عمل رفيع وآخر وضيع تقسيم سيئ فاسد، وتصرف خاسر كاسد، والدليل على كساده و البرهان على فساده أن رُسل الله عليهم الصلاة والسلام -وهم أعلى الناس قدرا وأرفعهم مكانة– عملوا في كل المجالات والميادين، لِعِلمِهم بأن ذالك من جوهر الدين ، ولو كان عمل من الأعمال فيه منقصة ومهانة، ودنو منزلة ومكانة؛ لكانوا أبعد الناس عنه وأنفرهم منه، والثابت الصحيح أن رسل الله عملوا في شتى المهن والحرف، فنوح عليه السلام احترف النجارة وصنع السفينة، واحترف داود عليه السلام الحـدادة، وموسى عليـه السلام رعى الغنـم، أما رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فالثابت من سيرته قولا وعملا أنه عمل في رعي الغنم قبل أن يبعث، فلما بعث كان يفتخر بهذا العمل ويعتز به فيقول: “ما بعث الله نبي إلا رعى الغنم” ، قالوا: وأنت يا رسول الله قال: “وأنا كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة”، كما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعملون في شتى الحرف والمهن، فكان منهم التاجر والمزارع والحداد والحطاب وغير ذلك، ولم يعرف عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه اعترض على أحد منهم بسبب حرفته ومهنته، بل على العكس من ذلك كان يشجعهم على أعمالهم ويحثهم على التفوق فيها، إن الإسلام يعتبر كل جهد نافع يحقق مصلحة لصاحبه وللمجتمع، هو عمل مطلوب شرعا، بل هو عبادة وقربى، يرفع للإنسان مكانته، ويعلي منزلته ودرجته، إن الإنسان إذا زاول حرفة صان نفسه عن الابتذال، وحماها من الفاقة والحاجة وذل السؤال، يقول صلى الله عليه وسلم “لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه خيرا له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه” كما أن الإسلام ينظر بكل تقدير واحترام لكل إنسان امتهن مهنة أو احترف حرفة، فنفع نفسه ومن يعول، فأفضل الكسب كسب يأتي من ثمرة الجبين وكد اليمين،يقول صلى الله عليه وسلم: “ما أكل طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داوود كان يأكل من عمل يده”.
من موقع إسلام أون لاين