الحديث عن الأوبئة حديث ذو شجون  

الحديث عن الأوبئة حديث ذو شجون  

إن الحديث عن الأوبئة في هذه الأيام ، حديث غلب على مجالس الناس هنا وهناك، صغيرهم وكبيرهم في المجالس العامة والخاصة، وعبر برامج التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المرئي والمسموع، حديث غلب كل حديث، وغطى على كل علم وأنيس؛ فناسب ذلك الحديث عن شيء مما يتعلق بهذه الأوبئة بإيجاز بما يكشف شيئًا من تاريخها وحكمة إيجادها وبعض أحكامها الفقهية، مشيرًا في ثناياه على عَجَلٍ بآثارها التربوية على الفرد والمجتمع: ربنا جل في علاه ذكر في كتابه حالًا من أحوال خلق الإنسان بقوله: ” لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ” البلد: 4: ” فِي كَبَدٍ ” أي: في نصب وشدة ومشقة]، ومن ذلك الأوبئة التي تظهر بين الفينة والأخرى في بلاد المسلمين وغيرهم، فقد ذكر المؤرخون أن “الطواعين المشهورة العظام في الإسلام خمسة: طاعون شيرويه بالمدائن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في سنة ست من الهجرة، ثم طاعون عمواس في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان بالشام مات فيه خمسة وعشرون ألفًا، ثم طاعون الجارف في زمن ابن الزبير في شوال سنة تسع وستين هلك في ثلاثة أيام في كل يوم سبعون ألفًا، ثم طاعون الفتيات في شوال سنة سبع وثمانين، ثم كان طاعون في سنة إحدى وثلاثين ومائة في رجب، واشتد في شهر رمضان، فكان يحصى في سكة المريد في كل يوم ألف جنازة أيامًا ثم خف في شوال، وكان بالكوفة طاعون وهو الذي مات فيه المغيرة بن شعبة سنة خمسين.

وفي عام 1918 توفي بسبب الأنفلونزا الإسبانية قرابة مائة مليون نسمة وفق بعض التقديرات. وفي عام 1337هـ انتشر الطاعون في نجد، وسميت تلك السنة سنة الرحمة؛ فقد تكسرت النعوش من كثرة الموتى، واستعانوا بأبواب المنازل والبسط في نقل الموتى إلى المقابر. وهذه الأمراض التي تتفشى ما هي إلا مخلوق من مخلوقات الله تعالى: ” اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ” الزمر: 62، يسلطها الله تعالى على مَن يشاء مِن عباده؛ عقوبة لقوم وابتلاء ورفعة لآخرين؛ عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: “سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون، فأخبرني أنه عذاب يبعثه الله على من يشاء، وأن الله جعله رحمةً للمؤمنين” رواه البخاري.