الجيش ساير الانتفاضة الشعبية بحكمة… كرونولوجيا حراك أنهى 20 سنة من حكم بوتفليقة

الجيش ساير الانتفاضة الشعبية بحكمة… كرونولوجيا حراك أنهى 20 سنة من حكم بوتفليقة

الجزائر- بعد ستة أسابيع من حراك شعبي، تصاعد معه ضغط قيادة الجيش تدريجيا، اضطر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، إلى الرحيل الفوري عبر إعلان استقالته من منصبه.

ومنذ بداية الحراك في 22 فيفري الماضي، كان واضحا أن الجيش ساير الانتفاضة الشعبية من خلال دعوات إلى الاستجابة لمطالبها، أطلقها قائد الأركان الفريق أحمد قايد صالح، وظهر التحول جليا في خطاب 26 مارس الماضي، الذي دعا قايد صالح، خلاله بصراحة إلى أن الحل يكمن في تطبيق المادة 102 من الدستور، التي تنص على إعلان شغور منصب الرئيس.

ومرّ الحراك الشعبي منذ 22 فيفري بعدة محطات هامة ومنعرجات حاسمة لكنه حافظ على سلميته، وتوالت التظاهرات منذ ذلك الحين بشكل شبه يومي، وهي تبلغ أوجها كل يوم جمعة.

وفي 26 فيفري، سار آلاف الطلاب سلمياً في شوارع العاصمة، تنديدا بالعهدة الخامسة، وفي 28 من الشهر نفسه أوقفت الشرطة نحو عشرة صحافيين لساعات قبل أن تطلق سراحهم، خلال مشاركتهم في اعتصام في وسط الجزائر احتجاجاً على ما قالوا إنها ضغوط تمارس عليهم من مسؤوليهم في تغطيتهم للاحتجاجات، وحذر الوزير الأول آنذاك أحمد أويحيى من أن يحدث في الجزائر ما يحدث في سوريا، البلد الذي يتخبط في الحرب منذ 2011.

وفي الفاتح مارس، تجمَّع عشرات آلاف المتظاهرين رافعين شعارات ضد السلطة، وسارت تظاهرات في مدن أخرى مثل وهران وقسنطينة وباقي الولايات، وفي اليوم الموالي أقال الرئيس بوتفليقة مدير حملته الانتخابية عبد المالك سلال ليحل محله عبد الغني زعلان، وبعدها بيوم قدّم بوتفليقة ملف الترشح لدى المجلس الدستوري، وتعهد في رسالة له عدم إكمال ولايته الخامسة، والانسحاب من الحكم من خلال انتخابات مبكرة يتم تحديد موعدها بعد “ندوة وطنية” تعمل على وضع إصلاحات.

وفي الخامس من مارس، صرح رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح أن الجيش هو “الضامن” للاستقرار والأمن في مواجهة “أولئك الذين يريدون جرّ الجزائر إلى سنوات الحرب الأهلية”، بينما تظاهر آلاف الطلاب في أنحاء البلاد، احتجاجاً على ما اعتبروه تمديداً بحكم الأمر الواقع للولاية الرابعة لبوتفليقة، واجتاحت حشود ضخمة شوارع العاصمة ليوم الجمعة الثالثة على التوالي. كما سارت تظاهرات في مدن أخرى.

وفي 10 مارس، عاد بوتفليقة إلى الجزائر بعد أسبوعين من “الفحوص الطبية” أجراها في مستشفى سويسري، موازاة مع ذلك صرح الفريق أحمد قايد صالح أن الجيش “يتقاسم” مع الشعب “نفس القيم والمبادئ”، ليعلن الرئيس بعده بيوم واحد عن عدوله عن الترشح لولاية خامسة، وفي الوقت نفسه إرجاء الانتخابات الرئاسية، من دون تحديد تاريخ لمغادرته الحكم، مشيرا إلى أن الانتخابات ستجري بعد “ندوة وطنية” تعدّ دستوراً جديداً وإصلاحات.

إثر ذلك قدّم الوزير الأول استقالته، وتمّ تعيين وزير الداخلية نور الدين بدوي خلفاً له مع استحداث منصب نائب رئيس الوزراء وتعيين رمطان لعمامرة فيه. لكن هذه القرارات لم تهدّئ المتظاهرين الذين واصلوا التظاهر، بينما نفذ إضراب عام في كل البلاد.

وفي 15 مارس خرجت حشود ضخمة بوسط العاصمة منددة بتمديد ولاية بوتفليقة من خلال تأجيل الانتخابات. وشملت التظاهرات أربعين ولاية من أصل 48، بحسب مصادر أمنية.

وفي 16 مارس، اقترح رئيس أركان الجيش الفريق قايد صالح مخرجاً دستوريا للأزمة يتمثل في تطبيق المادة 102 من الدستور التي تحدد إجراءات إعلان “ثبوت المانع” لرئيس الجمهورية واستحالة ممارسة مهامه، لأسباب بينها “المرض الخطير والمزمن”، بينما دعا حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الحليف الأساسي للحزب الرئاسي في 23 مارس إلى استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ليخرج مئات الآلاف من المتظاهرين في 29 مارس للمطالبة برحيل رجال نظام بوتفليقة.

وكانت الأيام الأخيرة من شهر مارس حاسمة، حيث أوقفت مصالح الأمن رجل الأعمال علي حدّاد المقرب من عائلة بوتفليقة، حين كان مغادرا إلى تونس عبر الحدود البرية، وأعلن بوتفليقة الحكومة الجديدة برئاسة نور الدين بدوي، وبقي أحمد قايد صالح نائبا لوزير الدفاع.

وفي الفاتح أفريل، أعلنت الرئاسة أن بوتفليقة سيستقيل قبل انتهاء ولايته الرابعة في 28 أفريل، وهو ما أثار سخطا شعبيا، وتواصل الحراك ميدانيا، بينما دعا الفريق أحمد قايد صالح بعد اجتماع أمني كبير حضره قادة أركان القوات المسلحة، في 2 أفريل إلى “التطبيق الفوري للحل الدستوري” الذي يتيح عزل الرئيس.

وبعد وقت قصير من  اليوم نفسه أعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، عن استقالته رسميا، وأخطر في  الليلة نفسها المجلس الدستوري بذلك لتنتهي 20 سنة من حكمه الذي استمر منذ 28 أفريل 1999 إلى غاية 2 أفريل 2019.

أمين.ب